هذا مضافا إلى الواجب المركّب المتدرّج في الوجود يكون أجزائه تدريجيّة الحصول مع أنّه لا إشكال في وجوب جميع هذه الأجزاء المتدرّجة قبل الإتيان بها فالوجوب المتعلّق بها فعليّ مع أنّ الواجب وهي أجزاء المركّب استقباليّ وخارج عن الاختيار حين تنجيز وجوبه لفرض كونه استقباليّا.
ودعوى أن التكليف في الواجبات التدريجيّة يصير فعليّا تدريجا بحيث إنّ الإنشاء بداعي البعث وإن كان واحدا وهو موجود من أوّل الوقت لكنّ بلحاظ تعلّقه بأمر مستمرّ أو بأمر تدريجيّ الحصول كأنّه منبسط على ذلك المستمر أو التدريجيّ فله اقتضائات متعاقبة بكلّ اقتضاء يكون بالحقيقة بعثا إلى ذلك الجزء من الأمر المستمرّ أو المركّب التدريجيّ فهو ليس مقتضيا بالفعل لتمام ذلك الأمر المستمرّ أو المركّب بل يقتضي شيئا فشيئا (١).
مندفعة بما أفاد في بدائع الأفكار من أنّ الالتزام بأنّ التكليف في الواجبات التدريجيّة يصير فعليّا تدريجا فرارا عن الالتزام بالواجب التعليقيّ خلاف الوجدان والضرورة (٢).
وأمّا ما ذكره من المنازل المذكورة ففيه كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أنّه لا يدلّ إلّا على أنّ القوى العاملة للنفس وآلاتها المنبثة هي فيها لما كانت تحت سلطان النفس وقدرتها بل هي من مراتبها وشئونها فلا يمكن لها التعصي على إرادتها فإذا أرادت قبضها تنقبض أو بسطها تنبسط من غير تعص وتأخّر مع عدم آفة للآلات.
لكنّ معنى كون القوى تحت إرادة النفس وإطاعتها أنّها إذا أرادت تحريكها في الحال تحرّكت لا عدم إمكان تعلّق الإرادة بأمر استقباليّ.
فما اشتهر بينهم من أنّ الإرادة علّة تامّة للتحريك ولا يمكن تخلّفها عن المراد حتّى
__________________
(١) كما في تعليقة الأصفهاني : ج ١ ص ٣٠٨.
(٢) بدائع الافكار : ج ١ ص ٣٥٣.