أخذوه كالأصول الموضوعة ونسجوا على منواله ما نسجوا ممّا لم يقم عليه برهان إلّا ما ذكرنا.
ولازم ذلك هو ما عرفت من أنّ الإرادة إذا تعلّقت بتحريك عضلة في الحال ولم يكن مانع في البين تتحرّك إطاعة للنفس.
وأمّا عدم إمكان التعلّق بأمر استقباليّ فيحتاج إلى برهان مستأنف ولم يقم عليه لو لم نقل بقيامه على إمكانه وقضاء الوجدان بوقوعه.
كيف وإرادة الله تعالى قد تعلّقت أزلا بإيجاد ما لم يكن موجودا على الترتيب السببيّ والمسبّبيّ من غير إمكان التغيير والحدوث في ذاته وإرادته كما برهن عليه في محلّه ولا يمكن أن يقال في حقّه تعالى كان له شوق ثمّ بلغ حدّ النصاب فصار إرادة وما قرع سمعك أنّ الإرادة فيه تعالى هو العلم بالنظام الأصلح إن أريد به اتّحاد صفاته تعالى فهو حقّ وبهذا النظر كلّها يرجع إلى الوجود الصرف التام وفوق التمام وإن أريد نفي صفة الإرادة فهو إلحاد في أسمائه تعالى ومستلزم للنقص والتركيب والإمكان تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
إلى أن قال : ثمّ إنّ الإرادة كالشوق تتعلّق بالأمر الحاليّ والاستقباليّ وليست كالعلل الطبيعيّة ولم تكن مطلق الإرادة علّة تامّة لمطلق حركة العضلات بل العضلات بما هي تابعة للنفس تكون تحت سلطانها.
فإذا أرادت إيجاد أمر في المستقبل لا تتعلّق الإرادة بتحريك العضلات في الحال بل إن بقيت الإرادة إلى زمان العمل تتعلّق إرادة أخرى بتحريك العضلات لرؤية توقّف الإيجاد على حركتها لا لأنّ إرادة الإيجاد محرّكة للعضلات ، إلى أن قال : فالإرادة المتعلّقة بتحريك العضلات غير الإرادة المتعلّقة بإيجاد المطلوب نوعا.
ألا ترى أنّ المطلوب مراد لذاته وتحريك العضلات توصّليّ وغير مشتاق اليه أصلا