ولا مراد بالذات (١).
وبالجملة فتوهّم عدم إمكان تعلّق الإرادة بامر استقباليّ ناشئ من توهّم أنّ الإرادة هي التي لا تنفكّ عن تحريك العضلات فلا يمكن تحقّق الإرادة من دون تحريك العضلات مع أنّ الإرادة تكون ملازمة لذلك.
ألا ترى أنّا نريد في أذهاننا أشياء ولم يكن فيها تحريك للعضلات وهكذا كانت المجرّدات مريدة للأشياء من دون تحريك للعضلات فيمكن تحقّق الإرادة بدون تحريك العضلات ولا برهان على عدم انفكاكها عن الإرادة مع ما عرفت من موارد الانفكاك وعليه فتعلّق الإرادة بأمر استقباليّ من دون تحريك للعضلات قبل حلول وقته لا دليل على عدم إمكانه والقول بأنّه تفكيك بين العلّة والمعلول فإنّ الإرادة علّة لتحريك العضلات.
غير سديد بعد ما عرفت من عدم دليل على ملازمة الإرادة لتحريك العضلات بل الوجدان شاهد على انفكاك تحريك العضلات عنها في موارد الانفكاك.
والقول بأنّ إرادة أمر استقباليّ أيضا غير معقول لأنّ الإرادة موجودة والمراد ليس بموجود فلزم التفكيك بين الإرادة والمراد غير صحيح بعد تحقّق المراد في محلّه فالإرادة غير منفكّة عن المراد وحيث إنّ الإرادة متعلّقة بوجود المراد في وقته لا يمكن تقدّم المراد على وقته وإلّا لزم الخلف.
نعم غاية ما في ذلك هو امتداد وقت العلّة بالنسبة إلى وقت المعلول ولا إشكال فيه لعدم لزوم الانفكاك منه كما أنّ ذات الباري تعالى علّة لكلّ متدرّج من المتدرّجات والنظام السببيّ والمسببيّ من الأزل فالعلّة علّة أزليّة لمعاليله بحسب تدرّجها ووقوعها في النظام السببيّ والمسبّبيّ ولا يكون علّيّته تعالى حادثة كما لا يخفى.
__________________
(١) منهاج الوصول : ج ١ ص ٣٦٣ ـ ٣٥٩.