اللفظ فقطّ والثالث من جهة اللابدّيّة العقليّة لا من جهة دلالة اللفظ بنفسه ولعلّ منشأ هذه التعبيرات هو الخلط بين مادّة الأمر وبين صيغة الأمر أو جعل معنى مادّة الأمر هو مجرّد الطلب مع ما عرفت من أنّ معناه هو الطلب مع الإلزام لا صرف الطلب وإذا اتّضح ذلك في مادّة الأمر كانت مادّة النهي أيضا كذلك بقرينة المقابلة فإنّ المتبادر منها هو الزجر عن الشيء على سبيل الإلزام والإيجاب.
ويتفرّع على ذلك أنّ الواجب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو البعث نحو المعروف والزجر عن المنكر على سبيل الإلزام والإيجاب إذ المأمور به في مثل قوله تعالى «وأمر بالمعروف وانه عن المنكر» هو الأمر والنهي وهما البعث أو الزجر على سبيل الإلزام والإيجاب وعليه فلا يكفي في الامتثال مجرّد الطلب كالاستدعاء أو الالتماس إذا احتيج إلى الأمر والنهي فلا تغفل.
الجهة الرابعة : إنّه يقع البحث في المقامين :
المقام الأوّل في مفهوم الطلب والإرادة :
ولا يخفى عليك أنّ المتبادر من لفظة الإرادة هي الصفة النفسانيّة ومن لفظة الطلب هو الفعل وهو التصدّي نحو تحصيل شيء في الخارج والأوّل من مقولة الكيف النفسانيّ والثاني من مقولة الفعل ودعوى اتّحادهما كما عن جماعة منهم صاحب الكفاية غير صحيحة لما عرفت من أنّهما مقولتان لا مقولة واحدة ثمّ إنّ الطلب وهو التصدّي إمّا يكون بنفسه بأن يأخذ الطالب يد غيره ويسوقه نحو العمل أو بالواسطة بأن يقول لغيره «اضرب» أو «آمرك بالضرب» وكلاهما بعث وتحريك نحو العمل ويصدق عليهما عنوان الطلب فالطلب عنوان عامّ يصدق على الطلب الخارجيّ وعلى الطلب الإنشائيّ فلا وجه لتخصيص الطلب بأحدهما.