توجيه الواجب المعلّق فراجع كلام الفصول فإن كان لا يأبى ما ذكرنا فهو وإلّا فهذا تصوير بنفسه (١).
وفيه أوّلا : أنّ اللازم في فعليّة الوجوب والتكليف هو إمكان الانبعاث ولو نحو أمر متأخّر وهذا حاصل في المعلّق دون تحريك المأمور فعلا بلا انتظار شيء فإنّه من خواصّ الواجب المطلق المنجّز بل لا يجوز ذلك في المعلّق لتوقّف العمل على أمر استقباليّ وهو الوقت وعليه فحصر الفعليّ في المنجّز بمجرّد فقدان خواصّ الواجب المنجّز من تحريك المأمور فعلا في المعلّق مع أنّ المعلّق فعليّ وموجب لإمكان الانبعاث نحو أمر متأخّر وإنّما الواجب استقباليّ كما ترى.
وثانيا : إنّه لو سلّمنا أنّ فعليّة الوجوب بمعنى إمكان تحريك المأمور حين التكليف لقلنا بحصول ذلك في الواجب المعلّق أيضا فيما إذا كانت له المقدّمات المفوّتة فإنّ وجوب الواجب المعلّق يمكن أن يدعو المكلّف ويحرّكه إلى الإتيان بالمقدّمات المفوّتة قبل تحقّق الوقت فالتكليف في المعلّق أيضا يوجب التحريك في الجملة نعم لو اعتبر التحريك نحو ذي المقدّمة فهو كما عرفت لا يمكن قبل الوقت وليس بلازم في فعليّة الوجوب.
وثالثا : إنّ البعث القانونيّ لا يمكن من دون داع فإن كان الداعي فيه تحريك المأمور فعلا بلا انتظار عاد المحذور لعدم اجتماع الشرائط وإن كان الداعي هو إمكان الانبعاث ولو نحو أمر متأخّر فهو عين ما قلناه ولا يكون شيئا آخر وأيضا لا وجه لحصر المعلّق في البعث القانونيّ بل يجوز ذلك فيما إذا كان التكليف متوجّها إلى أشخاص خاصّ هذا مضافا إلى أنّ ضرب القانون بالنسبة إلى الموضوع أعني المكلّف واضح وأما بالنسبة إلى قيود الفعل فلا يكون واضحا بعد لزوم بيان المراد من القيود فتأمّل.
__________________
(١) افاضة العوائد : ج ١ ص ١٧٨ ـ ١٧٧.