فإذا لم يكن الحكم مشروطا وتعلّق على الموضوع بنحو القضيّة الحقيقيّة فلا وجه لعدم فعليّته نعم يتوقّف تنجّزه على تحقّق الموضوع في الخارج فالحكم في مثل قولهم المسافر يجب عليه القصر فعليّ ولكنّ تنجّزه متوقّف على تحقّق المسافرة في الخارج.
وما حكي عن المحقّق النائينيّ قدسسره من أنّ الموضوع في القضايا الحقيقيّة بما أنّه أخذ مفروض الوجود فيستحيل تحقّق الحكم وفعليّته قبل فعليّة موضوعه بقيوده (١).
غير سديد لأنّ القضايا الحقيقيّة قضايا حمليّة وإمكان إرجاعها إلى الشرطيّة لا يوجب خروجها عن الحمليّة وترتّب الحكم في القضايا الحمليّة على موضوعها فعليّ وليس بتعليقيّ.
قال سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره وظنّي إنّ عمدة ما أوقعه في الإشكال هو دعوى أنّ القيود في المقيّدات تحت الأمر والبعث ولمّا رأى عدم إمكان البعث إلى الأمر الغير الاختياريّ أنكر المعلّق.
وهي بمكان من الضعف فانّ الأمر المتعلّق بالمقيّد لا يمكن أن يتعدّى من متعلّقه إلى أمر آخر والقيد خارج عن المتعلّق والتقيّد داخل فالأمر إنما يتعلّق بالمقيّد لا بالقيد والعقل يحكم بتحصّل القيد إذا لم يكن حاصلا وأمّا مع حصوله بنفسه فلا فإذا أمر المولى بالصلاة تحت السماء لا يكون ذلك أمرا بايجاد السماء بل بإيجاد الصلاة تحتها وهو أمر مقدور كذلك الأمر بإيجاد صلاة المغرب ليس أمرا إيجاد المغرب نعم لا يمكن الأمر بمقيّد لا يصير قيده موجودا في ظرفه ولا يكون تحت اختيار العبد وأمّا إذا كان موجودا في ظرف الإتيان أو كان تحت اختياره فالأمر بالمقيّد ممكن والواجب مطلق لا مشروط (٢).
الأمر الثالث : في أنّ التفصّي عن إشكال لزوم الإتيان بالمقدّمة قبل زمان
__________________
(١) المحاضرات : ج ٢ ص ٣١٤.
(٢) مناهج الوصول : ج ١ ص ٣٦٤.