بترك مقدّمته هذا مضافا إلى أنّ التكليف ليس إلّا مقدّمة لتحصيل الأغراض المولويّة القائمة بفعل العبد وعليه فلو لم يكن تلك الأغراض المولويّة القائمة بفعل العبد لازم التحصيل لم يكن دفع التكليف قبيحا بالعرض.
فالصحيح من تقريب حكم العقل أنّه يقال إذا علم أنّ التكليف تامّ الاقتضاء وأنّ مصلحة الفعل غير متوقّفة على دخول الوقت بل الفعل الموقت ذا مصلحة أزلا وأبدا لا أنّه بعد دخول الوقت يتّصف بصيرورته ذا مصلحة. فلا محالة يكون الغرض من الفعل تامّ الغرضيّة وتحصيل الغرض التامّ الغرضيّة بحكم العقل لازم ولو لم يكن التكليف به فعليّا ولكنّه متوقّف على العلم بتماميّة الاقتضاء في التكليف وأنّ مصلحة الفعل غير متوقّفة على دخول الوقت وإلّا فالتفويت غير قبيح لأنّه ليس من المنع من وصول المولى إلى غرضه بل يرجع إلى المنع من صيرورته غرضا للمولى (١).
اللهم إلّا أن يقال يمكن استكشاف تماميّة الاقتضاء من خطابات الموقتات كوجوب صلاة الظهر من دون ترخيص لتركها فإنّها حاكية عن تماميّة الاقتضاء في التكاليف الموقّتة وعدم توقّف مصلحة متعلّقها بالأوقات نعم يمكن أن يقال إنّ مع العلم بأنّ التكليف تامّ الاقتضاء وأنّ مصلحة الفعل غير متوقّفة على دخول الوقت وعدم المانع من تعلّق التكليف الشرعي بالفعل الموقّت الذي تمّ مصلحته تعلّق به التكليف الفعليّ وهو عين الواجب المعلّق ومعه لا حاجة في لزوم الإتيان بالمقدّمات في الواجبات الموقّتة إلى حكم العقل بل وجوب المقدّمة حينئذ بناء على الملازمة تابع لوجوب ذيها كما لا يخفى.
وقد تفصّى في الدّرر عن العويصة بعد حصر الواجب في المطلق والمشروط وإرجاع الطلب المتعلّق بالفعل المقيّد بالزمان إلى الطلب المشروط بأنّا نلتزم بعدم صيرورة
__________________
(١) راجع نهاية الدراية : ج ٢ ص ٣١١ و ٣١٥.