واستدلّ لترجيح إطلاق الهيئة بوجوه : منها ما حكى عن الشيخ الأعظم قدسسره من أنّ إطلاق الهيئة شموليّ بمعنى أنّ مفادها هو الوجوب على كلّ تقدير يمكن أن يتوجّه معه الخطاب إلى المكلّف وليس كذلك إطلاق المادّة فإنّه بدليّ بمعنى أنّ مفاده صلوح أيّ فرد من أفراد الطبيعة المأمور بها للامتثال به وإذا دار الأمر بينهما فيؤخذ بالإطلاق الشموليّ لكونه أقوى في العموم ويرفع اليد عن الإطلاق البدليّ.
أورد عليه صاحب الكفاية بأنّ الإطلاق في كلا المقامين مستفاد من مقدّمات الحكمة فلا يمكن تقديم أحدهما على الآخر بمجرّد كونه شموليّا والآخر بدليّا نعم لو كان أحدهما بالوضع والآخر بمقدّمات الحكمة لكان تقديم ما بالوضع على الآخر موجّها لكونه صالحا لأن يكون قرينة على الآخر دون العكس وذلك لأنّ الوضع تنجيزيّ بخلاف ما يكون بالمقدّمات فإنّه معلّق على عدم قيام قرينة على الخلاف فالوضع قرينة على الخلاف انتهى.
هذا مضافا إلى ما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من أنّ تقسيم الإطلاق إلى الشموليّ والبدليّ غير صحيح لا في المقام ولا في باب المطلق والمقيّد أمّا هناك فلأنّ اللفظ الموضوع للطبيعة أو لغيرها لا يمكن أن يدلّ ويحكي عن شيء آخر وراء الموضوع له وخصوصيّات الأفراد أو الحالات لا بدّ لإفادتها من دالّ آخر ومقدّمات الحكمة لا تجعل غير الدالّ دالّا وغير الحاكي حاكيا فلا يستفاد من مقدّمات الحكمة إلّا كون ما جعل موضوعا تمام الموضوع للحكمة من غير دخالة قيد آخر فيه وهذا ليس من قبيل دلالة اللفظ ففي قوله (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) بعد مقدّمات الحكمة يحكم العقلاء بأنّ الطبيعة من غير دخالة شيء فيها محكومة بالحلّيّة لا أفرادها فإنّها أيّ الأفراد ليست مفاد اللفظ ولا مفاد الإطلاق ومقدّمات الحكمة فالإطلاق الشموليّ ممّا لا معنى له.
كما أنّ الأمر كذلك في الإطلاق البدليّ أيضا فإنّ قوله اعتق رقبة لا يستفاد منه البدليّة لا من اللفظ (ولا من التنوين) فإنّ الرقبة وضعت لنفس الطبيعة والتنوين إذا كان