ذلك فالأولى هو تقييد المادّة حتّى يكون ارتكاب خلاف الأصل أقلّ.
اورد عليه في الكفاية بأنّ التقيّد وإن كان خلاف الأصل إلّا أنّ العمل الذي يوجب عدم جريان مقدّمات الحكمة وانتفاء بعض مقدّماتها لا يكون على خلاف الأصل أصلا إذ معه لا يكون هناك إطلاق كي يكون بطلان العمل به في الحقيقة مثل التقييد الذي يكون على خلاف الأصل وبالجملة لا معنى لكون التقيّد خلاف الأصل إلّا كونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدّمات الحكمة ومع انتفاء المقدّمات لا يكاد ينعقد له هناك ظهور نعم إذا كان التقيّد بمنفصل ودار الأمر بين الرجوع إلى المادّة أو الهيئة كان لهذا التوهّم مجال حيث انعقد للمطلق إطلاق وقد استقرّ له ظهور ولو بقرينة الحكمة فتأمّل انتهى.
حاصله أنّ خلاف الأصل فيما إذا انعقد الظهور وهو فيما إذا كان القيد منفصلا وأمّا إذا كان القيد متّصلا فلا ينعقد الظهور حتّى يكون التقيّد وإبطال محلّ الإطلاق خلاف الأصل من جهة مخالفتهما مع الظهور هذا بناء على لزوم المقدّمات في الإطلاق كما ذهب إليه صاحب الكفاية وإلّا فالإطلاق ذاتيّ وينعقد الظهور بمجرّد تعلّق الحكم على ذات المتعلّق بحيث يسري إلى جميع الأفراد كما أنّ العامّ لا يحتاج إلى المقدّمات في تسرية الحكم إلى الأفراد فالظهور منعقد في المتّصل أيضا.
اللهم إلّا أن يقال إنّ الظهور لا ينعقد مع اقترانه بما يصلح للقرينية في المتّصل أيضا فلا بدّ أن يكون محلّ الكلام في المنفصل وقد عرفت أنّ صاحب الكفاية اعترف بأنّ رجوع القيد إلى الهيئة مستلزم للتقيدين في المنفصل بخلاف رجوع القيد إلى المادّة.
واستشكل فيه بأنّ تقييد كلّ من الهيئة والمادّة لا ترجع إلى صاحبتها لأنّ لكلّ موردا خاصّا وعليه فتقيّد المادّة لا يوجب تقييد الهيئة وهكذا بالعكس. نعم تقييد كلّ منهما يوجب تضييق لصاحبتها وابطالا لمحلّ إطلاقها مثلا إطلاق أكرم زيدا يقتضي الوجوب بلا قيد كما يقتضي وجوب نفس طبيعة الإكرام من غير تقييد فإذا رجع قيد