إلى الهيئة نحو وإن جاء زيد فأكرمه تكون الهيئة مقيّدة دون المادّة أي يجب على فرض مجيئه نفس طبيعة الإكرام بلا قيد لكن يوجب ذلك تضييقا قهريّا في الإكرام أيضا لا بمعنى التقييد بل بمعنى ابطال محلّ الإطلاق وكذلك إذ ورد قيد على المادّة نحو أكرمه إكراما حال مجيئه فإنّ الهيئة مطلقة ولو من جهة تحقّق المجيء ولا تحقّقه كما في الواجب المعلّق لكنّ مع ذلك لا تدعو إلى نفس الإكرام بلا قيد فأكرم بعث إلى نفس الطبيعة وأكرم إكراما حال مجيئه بعث إليها مقيّدة لا مطلقة فدائرة البعث في الفرض الأوّل أوسع منها في الثاني إلى أن قال فلا فرق بين تقييد الهيئة والمادّة من جهة أنّ تقييد كلّ لا يوجب تقييد الآخر ولا من جهة أنّ تقييده يوجب إبطال محلّ إطلاقه (١).
وعليه فلا ترجيح لإطلاق الهيئة بالنسبة إلى إطلاق المادّة فبعد العلم الإجماليّ بتقييد أحدهما فأصالة الإطلاق متعارضة فلا يصحّ الرجوع إليها لإلغاء احتمال تقييد إطلاق الهيئة بل اللازم هو الرجوع إلى مقتضى الأصل.
ويمكن الذبّ عنه بأنّ تضييق المبعوث إليه لا يوجب تضييقا في البعث.
كما أنّ تضييق مدخول أداة العموم لا يوجب تضييق مفهوم نفس الأداة والهيئة مطلقة من جهة قيد المادّة فإنّها قبل تحقّق القيد متحقّقة فلا تضييق من هذه الناحية فيه وعليه فالأمر يدور بين التقيد والتقيّدين ولكنّ الإشكال في أنّه لا دليل على الترجيح المذكور كما أفاد سيّدنا الإمام قدسسره ولعلّ إليه يشير صاحب الكفاية حيث تأمّل.
ومنها ما عن المحقّق الايروانيّ والمحقّق العراقيّ (قدسسرهما) من أنّ تقييد المادّة حيث إنّه متيقّن ومعلوم بالتفصيل لأنّها إمّا مقيّدة ابتداء أو تبعا فينحلّ العلم الإجماليّ إلى المعلوم بالتفصيل والشكّ البدويّ فيبقى أصالة الإطلاق في جانب الهيئة سليمة عن المعارض فيصحّ التمسّك بإطلاقها لإلقاء احتمال التقيّد (٢).
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ١ ص ٣٦٩.
(٢) راجع بدائع الافكار : ج ١ ص ٣٦٦.