وأجيب عنه بأنّ السبب في الأوامر مطلقا هو الإرادة غاية الأمر أنّ المنشأ للأوامر الجدّيّة إرادة نفس المأمور به وفي الأوامر الامتحانيّة إرادة إتيان مقدّماته بقصد التوصّل بها إلى المأمور به.
وعليه فلا حاجة إلى الطلب النفسيّ في تحقّق الأوامر الامتحانيّة ونحوها. هذا مضافا إلى أنّ تحقّق صفة الإرادة أو التمنّي أو الترجّي في النفس قد يكون لتحقّق مبادئها في متعلّقاتها كمن اعتقد المنفعة في ضرب زيد وقد يكون تحقّق تلك الصفات في النفس لا من جهة متعلّقاتها بل توجد النفس تلك الصفات من جهة مصلحة في نفسها كإتمام الصلاة من المسافر فإنّه يتوقّف على قصد الإقامة عشرة أيّام في بلد من دون مدخليّة لبقائه في ذلك البلد بذلك المقدار وجودا وعدما ومع ذلك يتمشّى قصد البقاء من المكلّف مع علمه بأنّ ما هو المقصود ليس منشأ للأثر المهمّ.
فإذا صحّ تحقّق الإرادة لمنفعة فيها لا في المراد في الإرادة التكوينيّة صحّ ذلك في الإرادة التشريعيّة ودعوى امتناع تعلّق الإرادة بالبقاء من غير مصلحة في البقاء مندفعة بكفاية ترتّب المصلحة على القصد المضاف إلى الإقامة ولا حاجة إلى وجود المصلحة في نفس البقاء.
الثالث : إنّهم استدلّوا على مغايرة الطلب النفسيّ مع الإرادة بأوامر الكفّار بالإسلام والإيمان والعصاة بالطاعة والامتثال فإنّ هذه الأوامر خالية عن الإرادة الجدّيّة وإلّا لزم تخلّف المراد عن الإرادة وهو محال ولكن مع ذلك توجد صفة نفسانيّة اخرى غير الإرادة في هذه الأوامر وهذه الصفة تسمّى بالطلب النفسيّ.
وأجيب عنه : بأنّ المحال هو تخلّف المراد عن الإرادة التكوينيّة لا الإرادة التشريعيّة والإرادة في الأوامر المذكورة هي الإرادة التشريعيّة وهي تعلّقت بإتيان الفعل مع وساطة اختيارهم وهذه الإرادة جدّيّة من قبل المولى وليس مقتضاها هو صدور الفعل عنهم قهرا وإلّا لزم الخلف كما لا يخفى.