الفعلين ، أي الوضوء والصلاة ، في الخارج هو العلم بالوجوب في الطرفين في الصورة الاولى دون مقامنا فإنّ الوجوب معلوم تفصيلا في الوضوء دون الصلاة المتقيّدة بالوضوء. وعليه فأصالة البراءة بعد تعارضها في ناحية خصوصيّة النفسيّة في الطرفين لا مجال لها في ناحية اصل الوجوب في الصورة الاولى ، لأنّ الوجوب معلوم في كلّ من الفعلين ، بخلاف المقام فإنّ الوجوب في الوضوء معلوم دون الصلاة ، فبعد عدم أثر لها في ناحية الوضوء اختصّت جريانها في الصلاة ، ومقتضاها هو البراءة عن الصلاة المتقيّدة بالوضوء ، فتأمّل.
اللهمّ إلّا أن يقال : أنّ مع عينيّة العلم التفصيليّ مع العلم الإجماليّ لا مجال للبراءة في أحد الطرفين إذ لا انحلال حقيقة ولا حكما.
ومنها : تقسيمه إلى الأصليّ والتبعيّ :
ذهب في الكفاية إلى أنّ هذا التقسيم بلحاظ مقام الثبوت لا بلحاظ مقام الدلالة والاثبات واستدلّ له بأمرين :
أحدهما : أنّ الاتّصاف بهما إنّما هو في نفسه لا بلحاظ حال الدلالة عليه ، ومعناه أنّ الظاهر إنّ الوصف بحال نفسه لا بحال متعلّقه.
وثانيهما : أنّه لو كان التقسيم بلحاظ حال الدلالة ومقام الإثبات لما اتّصف بواحد منهما فيما إذا لم يكن الواجب مفاد الأدلّة اللفظيّة ، كما إذا دلّ عليه الدليل اللبّي كالإجماع (١).
يمكن أن يقال : إنّ التقسيمات السابقة كالنفسيّ والغيريّ والمطلق والمشروط والمعلّق والمنجّز تكون بلحاظ حال مقام الإثبات ولحاظ الخطاب ، فتصلح تلك التقسيمات لأن تكون قرينة على أنّ هذا التقسيم أيضا بلحاظ مقام الإثبات ولحاظ
__________________
(١) الكفاية : ١ / ١٩٤ و ١٩٥.