الخطاب. هذا مضافا إلى تابعيّة معقد الإجماع يقبل للتقسيم المذكور بلحاظ الدلالة على أنّه يدلّ بالأصالة أو يدلّ بالتبع ولعلّ إليه يؤول ما أفاده سيّدنا الإمام قدسسره من أنّ الظاهر أنّ هذا التقسيم بحسب مقام الإثبات ولحاظ الخطاب وهو تقسيم معقول في مقابل سائر التقسيمات وأن لا يترتّب عليه أثر مرغوب فيه (١).
ثمّ إنّ المراد من الأصليّة والتبعيّة في مقام الإثبات واضح ؛ فإنّ وجوب شيء قد يكون مقصودا بالإفادة على حدّة كأن يقول : ادخل السوق واشتر اللحم. واخرى لا يكون كذلك إلّا أنّه لازم الخطاب كأن يقال : اشتر اللحم. فإنّه يدلّ على وجوب دخول السوق بالتبع ، كما في دلالة الإشارة ؛ كدلالة الآيتين وهما قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) وقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً). على أنّ أقلّ مدّة الحمل ستّة أشهر ، فإنّه غير مقصود بالخطاب على حدّة.
وأمّا المراد منهما في مقام الثبوت ، فهو كما أفاده صاحب الكفاية أنّ الشيء تارة يكون متعلّقا للإرادة والطلب مستقلّا من جهة الالتفات التفصيليّ إليه بما هو عليه من الخصوصيات الموجبة للطلب ، سواء كان طلبه نفسيّا أو غيريّا ، واخرى يكون متعلّقا للإرادة تبعا لإرادة غيره لأجل كون إرادته لازمة لإرادته من دون التفات تفصيليّ إليه بما يوجب إرادته (٢).
وفيه إنّ جعل مقابل الاستقلال بمعنى الالتفات التفصيليّ في الإرادة مع أنّه كما في تعليقة الأصفهانيّ لا مقابلة بين الأصليّ والتبعي بهذا المعنى ؛ إذ مقابل الالتفات عدم الالتفات لا تبعيّة إرادة لإرادة فإنّها مقابلة لعدم التبعيّة ، وهكذا لا مقابلة بين الالتفات وعدمه بضميمة التبعيّة ، فإنّه بهذه الضميمة يخرج عن التقابل ، فلا مقابلة بين الأصليّ
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٤٠٦.
(٢) الكفاية : ١ / ١٩٤.