وليس في نفس المريد معانيها مثلا قد يصدر من المتكلّم صيغة «افعل» كذا في مقام امتحان العبد وفي مقام التعجيز وأمثال ذلك وقد يتكلّم بلفظة «ليت» و «لعلّ» ولا معنى في النفس يطلق عليه التمنّي أو الترجّي فيلزم ممّا ذكر أن تكون الألفاظ في الموارد المذكورة غير مستعملة أصلا أو مستعملة في غير ما وضعت له والالتزام بكلّ منهما لا سيّما الأوّل خلاف الوجدان.
فأجاب عنه بأنّ تحقّق صفة الإرادة أو التمنّي أو الترجّي في النفس قد يكون لتحقّق مباديها في متعلّقاتها ... إلى أن قال : وقد يكون تحقّق تلك الصفات في النفس لا من جهة متعلّقاتها بل توجد النفس تلك الصفات من جهة مصلحة في نفسها كما نشاهد ذلك وجدانا في الإرادة التكوينيّة قد توجدها النفس لمنفعة فيها مع القطع بعدم منفعة في متعلّقها ويترتّب عليها الأثر. مثال ذلك أنّ إتمام الصلاة من المسافر يتوقّف على قصد الإقامة عشرة أيّام في بلد من دون مدخليّة لبقائه في ذلك البلد بذلك المقدار وجودا وعدما. (١)
وفيه كما مرّ في مباحث الوضع أنّ ما لا معنى له هو جعل شيء علّة لشيء آخر تكوينا لعدم قابليّة العلّيّة التكوينيّة وأمثالها من الامور الواقعيّة للجعل إذ العلّيّة متوقّفة على واجديّة الشيء لمراتب المعلول واقعا حتّى يكون علّة لها فإذا لم يكن شيء واجدا لمراتب المعلول لا يمكن أن يجعل له العلّيّة لأنّ فاقد الشيء لا يكون معطيا له والواقع لا ينقلب عمّا هو عليه والواجديّة المذكورة اللازمة في العلّيّة أمر واقعيّ وليست بجعليّة وهذا أمر صحيح في الامور الواقعيّة والانتزاعيّة التابعة للتحوّلات الواقعيّة الخارجيّة.
وأمّا في الامور الاعتباريّة فلا مانع من جعل شيء علّة اعتباريّة لشيء آخر بل
__________________
(١) الدرر ١ / ٧١ ـ ٧٢.