هو بمكان من الإمكان إذا اعتبره العقلاء كألفاظ العقود والإيقاعات وحروف القسم والتحضيض والنداء ونحوها فإنّ الامور الاعتباريّة لا تتوقّف على الواقعيّات الخارجيّة بل تكون متوقّفة على الاعتبارات العقلائيّة.
ولذا لا مجال لتقسيمها إلى الصدق والكذب لأنّها إيجاديّ وأمرها دائر بين الوجود والعدم لا الصدق والكذب ولذلك قال في تهذيب الاصول : وليس المراد من الإيجاد إيجاد شيء في عالم التكوين حتّى يقال إنّا لا نتصوّر له معنى بل المراد هو إيجاد بعث اعتباريّ في دائرة المولويّة والعبوديّة مكان البعث بالجوارح من يده ورجله وقد عرفت نظائره في حروف القسم والنداء فإنّها موجدات بنحو من الإيجاد لمعانيها وفي ألفاظ العقود والإيقاعات فإنّها عند العقلاء موضوعة لإيجاد الأمر الاعتباريّ من معاني البيع والإجارة والطلاق وقس عليه المقام. (١)
فإذا عرفت إمكان اعتبار العلّيّة لشيء في الامور الاعتباريّة يثبت ذلك في هيئة «افعل» بحكم التبادر فإنّ المنساق من قولنا : «اضرب» في اللغة العربيّة و «بزن» في اللغة الفارسيّة ليس إلّا إيجاد البعث لا الحكاية عن الإرادة ودليل ذلك هو الفرق الواضح بين قولنا : «أنا اريد منك الضرب» و «اضرب» في اللغة العربيّة وبين قولنا في اللغة الفارسيّة : «من از تو زدن را مى خواهم» و «بزن».
ولذا لا يتفحّص العقلاء في معاملاتهم وإنشاءاتهم وإيقاعاتهم عن كونها صادقة أو كاذبة إذ بنفس الإنشاء يرون ما أنشأه العاقد موجودا. ألا ترى أنّ المقصود من الأحكام الصادرة في المناصب من القضاوة والوزارة والولاية والوكالة حاصلا بنفس إنشائها ولا يتوقّف على حكايتها عن إرادتها وصدقها في حكايتها.
هذا كلّه مضافا إلى ما في دعوى إمكان إيجاد الصفات المذكورة كالإرادة أو
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٣٥.