التمنّي أو الترجّي في النفس لمصلحة في نفسها فيما لا يكون المصلحة في متعلّقها من عدم كلّيّتها لاستحالة الإرادة أو الترجّي بالنسبة إلى ما لا يمكن صدور العمل عنه كالجمادات فإيجاد الترجّي في النفس بالنسبة إلى الجماد ولو كان المصلحة في نفسه لا في متعلّقه غير معقول.
لا يقال : لا وظيفة للألفاظ إلّا الدلالة على المعنى بالوضع ومرتبة المعنى مقدّمة على اللفظ فكيف يعقل إيجاده به. (١)
لأنّا نقول : هذا صحيح لو لم نتصوّر الإيجاد للألفاظ وأمّا مع تصوّر إيجاديّة الألفاظ فمرتبة المعنى الموجد بها متأخّرة عن الألفاظ كما أنّ شأن الألفاظ لا ينحصر في الدلالة على المعنى والحكاية عنه.
لو قيل كما في الوقاية : إنّ الهيئة موضوعة للدلالة على الإرادة بضميمة معنى حرفيّ يعبّر عنه بالاقتضاء والبعث فإن كانت الإرادة موجودة في النفس فهي مستعملة في معناها بالإرادة الجدّيّة والاستعماليّة معا وإلّا فهي مستعملة فيه بالثانية فقطّ ولكنّ الظاهر منها عند الشكّ هو انبعاثها عن الإرادة الجدّيّة ووجودها في النفس على حذو ما سبق في مبحث المجاز.
وعليه فمفاد هيئة «افعل» هو مفاد : «إنّي مريد منك الفعل» ولا تخالفه إلّا في أمرين : أحدهما : إنّ دلالة الهيئة بسيطة ودلالة الجملة الخبريّة حاصلة من عدّة دوال ومدلولات. والثاني : اشتمالها على المعنى الحرفيّ المتقدّم وبمثله نقول في التمنّي والترجّي ونحوهما. (٢)
قلت : إنّ صاحب الوقاية وإن أصاب في قوله : إنّ الهيئة موضوعة للمعنى
__________________
(١) كما في الوقاية / ١٩٢.
(٢) الوقاية / ١٩٣.