الندبيّ والوصوليّ في نفس الطهارات ، وهو مستحيل.
ويمكن الذبّ ، عنه بأنّ الغايات والحيثيّات التعليليّة عناوين الموضوعات في الأحكام العقليّة ، فالجهات التعليليّة في الأحكام العقليّة ترجع إلى التقييديّة وحيث إنّ الكاشف عن وجوب المقدّمة هو العقل بالملاك العقليّ ، والعقل يحكم بوجوب المقدّمة من حيث هي مقدّمة ، فلا بدّ من كشف الحكم الشرعيّ بذلك الملاك على الحيثيّة التقييديّة.
ولا مجال لإنكار رجوع الحيثيّات التعليليّة في الأحكام العقليّة إلى التقييديّة ، لأنّ إنكاره كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره مستلزم لإسراء حكم العقل من موضوعه إلى غيره بلا ملاك ، فإنّ الظلم مثلا إذا كان قبيحا عقلا فوقع عمل في الخارج معنونا بعنوان الظلم وعناوين أخر ، فحكم العقل بقبحه إذا لم يرجع إلى حيثيّة الظلم ، فإمّا أن يرجع إلى حيثيّات أخر وهو كما ترى أو إلى الذات بعليّة الظلم بحيث تكون الذات قبيحة لا الظلم ، وإن كان هو علّة لقبحها فهو أيضا فاسد وخلف ، فإنّ الذات تكون قبيحة بالعرض ، فلا بدّ وأن يكون الظلم قبيحا بالذات فيصير الظلم موضوعا بالحقيقة للقبح. وهذا معنى رجوع الحيثيّات التعليليّة إلى التقييديّة (١).
وعليه ، فالوجوب الغيريّ يتعلّق بالمقدّمة الموصلة للغاية الواجبة ، فلا ينافي تعلّق الاستحباب بذوات الطهارات بناء على ثبوت الاستحباب الذاتيّ أو تعلّق الاستحباب بالمقدّمة الموصلة للغاية الندبيّة لتعدّد العناوين ، فإنّ الطهارات الثلاث بحيثيّة المقدّميّة الموصلة للغاية الواجبة أو المستحبّة مورد تعلّق الأمر الغيريّ.
نعم ، لو قيل بانحلال المقدّمة إلى الذات والقيد ، وتكون الذات متعلّقة للأمر الغيريّ فينافي الأمر الندبيّ المتعلّق بالذات بناء على استحباب الذاتيّ كما لا يخفى.
__________________
(١) مناهج الوصول : ١ / ٣٩٠.