الثلاث متّصفة بالوجوب لكونها مقدّمة للغاية الواجبة وهي الصلاة الفريضة ، ومقتضى كونها مستحبّات نفسيّة أو مقدّمة للغايات المندوبة كالنوافل وغيرها أن تكون متّصفة بالاستحباب ، وهما لا يجتمعان ، فمع سقوط الأوامر الاستحبابيّة لا مجال لقصدها في تحقّق العبادة .. اجيب عن ذلك بانّه لا مانع من اجتماع الوجوب الغيريّ والاستحباب الغيريّ في شيء واحد من جهتين ، بناء على ما هو المختار من جواز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد بالجهتين ، وحيث إنّ في المقام تكون الجهات متعدّدة فإنّ جهة الوجوب الغيريّ من المقدّميّة للغاية الواجبة ، وجهة الاستحباب الغيريّ من جهة المقدّميّة للغاية المندوبة ، فلا مانع من اجتماعهما كما لا يخفى.
اورد عليه في المحاضرات بأنّ تعدّد الجهة إنّما يجدي في جواز اجتماع الأمر والنهي إذا كانت الجهة تقييديّة ، وأمّا إذا كانت تعليليّة كما في المقام فلا أثر لتعدّدها أصلا.
وتوضيح ذلك أنّ الجهات إذا كانت تقييديّة تعدّدت العناوين ، فإنّ الطهارات بعنوان كونها مقدّمة للصلاة الواجبة تصير واجبة ، وبعنوان كونها مقدّمة للصلاة النافلة مثلا تصير مستحبّة ، أو باعتبار ذواتها تكون مستحبّات نفسيّة ، كما هو الظاهر من المحكيّ عن سلطان العلماء في حاشيته على الروضة ، حيث قال :
لا نسلّم بأنّه لا يكون في وقت العبادة الواجبة إلّا الوضوء الواجب ، لأنّ الوضوء في كلّ وقت مستحبّ.
وكيف كان ، فمع تعدّد العناوين لا يجتمع الوجوب والاستحباب في شيء واحد ، ولا يلزم الاستحالة.
وأمّا إذا كانت الجهات حيثيّات تعليليّة ، فهي توجب تعلّق الوجوب والاستحباب بشيء واحد وهي الطهارات الثلاث وهو يلزم الاستحالة ، وحيث إنّ الطهارات مورد الأمر والنهي بجهة المقدّميّة ، فالمقدّميّة حيثيّة تعليليّة فيجتمع الأمر