الغيريّ سواء كان وجوبيا أو ندبيا لا يصحّحه لعدم صلوحيّة الموضوع للتقرّب وعدم الإطاعة والقرب والمثوبة في الأوامر الغيريّة.
نعم لو أتى بها بقصد التوصّل إلى الغاية المندوبة من دون أن يقصد الأمر الغيريّ الندبيّ المتعلّق بالوضوء وأخويه يكفي ذلك في الصحّة ، لأنّ قصد التوصّل إلى الغاية المندوبة غير مناف لوجوب الوضوء وأخويه بالأمر الغيريّ ، فإنّ للمكلّف أن يأتي بالوضوء الواجب بداعي الوصول به إلى تلك الغاية المندوبة كنافلة الفجر فإنّها مستحبّة سواء كان الوضوء أيضا مستحبّا أم لم يكن.
وبعبارة اخرى لا ينافي الوجوب الوصفيّ في الوضوء وأخويه للندب الغائيّ كما أفاد السيّد في العروة والشرّاح عليهم الرحمة.
وسرّ ذلك أنّ المكلّف قد أتى بالطهارات متقرّبا بها إلى الله سبحانه وتعالى : والمفروض هو توقّف الغاية على الإتيان بها متقرّبا بها إلى الله وهو حاصل ، فلا بدّ من أن يحكم بالصحّة ، كما إذا أتى بها للتوصّل إلى الغايات الواجبة المترتّبة عليه لتحقّق الطهارات التي هي المقدّمة للصلاة الواجبة بذلك مع قصد التقرّب ؛ فالتوصّل إلى الغاية المندوبة أو الغاية الواجبة يكفي في تحقّق العبادة. ولا يلزم لشيء آخر ، بل الأمر الغيريّ سواء كان استحبابيّا أو وجوبيّا لا يفيد في تحقّق العبادة. لما عرفت من أنّه لا إطاعة ولا قرب ولا مثوبة للأمر الغيريّ ، فلو أغمضنا عن ذلك فقد وقع الكلام في صحّة الطهارات إذا أتى بها بقصد الأمر الندبيّ المتعلّق بها بناء على الاستحباب النفسيّ أو الأمر الندبيّ المتوجّه إليه من جهة الغاية المندوبة من جهة أنّ صحّتها فرع بقاء أمرها وهو فرع أن تكون الطهارات الثلاث متّصفة بالاستحباب مع عروض الوجوب المقدّميّ الغيريّ الشرعيّ عليها بناء على ثبوت الملازمة بين وجوب ذيها ووجوبها شرعا ، والمفروض هو استحالة اجتماع الوجوب والاستحباب في شيء واحد لأنّهما ضدّان لا يجتمعان في محلّ واحد ؛ فمقتضى حلول الوقت أن تكون الطهارات