بإطلاق قوله عزّ من قائل : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ...)(١) نظرا إلى أنّ القيام نحو الشيء على ما يستعمل في غير اللغة العربيّة أيضا إنّما هو الاستعداد والتهيّؤ له ، وقد دلّت الآية المباركة على أنّ من تهيّأ للصلاة فشرع له الوضوء أعني الغسلتين والمسحتين.
ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين القيام لها قبل الوقت أو بعده ، نعم يختصّ ذلك بما إذا أتى بالوضوء قريبا من وقت الفريضة لعدم صدق القيام لها ، في مثل ما إذا توضأ في أوّل الصبح مثلا تهيّؤا لصلاة الظهر ، هذا (٢).
ويشكل ذلك أنّ الآية في مقام بيان كيفيّة الوضوء من الغسلتين والمسحتين عند إرادة الصلاة والتهيّؤ لها بمالها من الشرائط ، ومن جملتها وقوعها في الوقت. وعليه فلا إطلاق لها من جهة القيام لها قبل الوقت ، فتدبّر جيّدا.
ومنها الوضوء في الوقت ، فإن أتى به بداعي أمره الغيريّ متقرّبا به إلى الله تعالى صرّح في منهاج الوصول بصحّته لصلوح الموضوع للتقرّب ، وهو كاف في الصحّة.
وفيه : أنّ ذلك صحيح إذا ثبت استحباب النفسيّ للطهارات ، فإنّ الحسن الفعليّ موجود على المفروض والحسن الفاعليّ المعتبر انضمامه إلى الحسن الفعليّ في تحقّق الطاعة أيضا متحقّق ، إذ لا يعتبر فيه أن يكون ناشئا من قبل قصد التقرّب بذلك الحسن الفعليّ ، بل يكفي وإن كان ناشئا من قصد التقرّب بجهة اخرى ولو لم تكن تلك الجهة موجبة للتقرّب ، كالأمر الغيريّ ، لما عرفت من أنّه لا طاعة ولا قرب ولا مثوبة للأمر الغيريّ.
وأمّا بناء على عدم ثبوت استحباب النفسيّ للطهارات ، فالإتيان بداعي أمره
__________________
(١) المائدة : ٢.
(٢) التنقيح : ٤ / ٨.