وفيه أوّلا : أنّ الاستباق والمسارعة في كلّ شيء بحسبه ، فإذا كان الصلاة مشروطة بالوقت كانت المبادرة إليها أيضا مشروطة بالوقت ، فإذا كانت المبادرة إلى الصلاة مشروطة بالوقت كان استحباب مقدّميّتها أيضا مشروطا بالوقت ، والتفكيك بين استحباب الشىء واستحباب مقدّماته في الاشتراط والإطلاق غير معقول ، ودعوى إمكان التفكيك في كيفيّة الاشتراط بأن تكون المسارعة مشروطة بالوقت على نحو الشرط المتقدّم والوضوء مشروطا به بنحو الشرط المتأخّر كما في المستمسك (١) مندفعة بأنّ الآيات المذكورة لا تدلّ على التفكيك المذكور بين المقدّمة وذيها. وعليه ، فلا دليل على التفكيك.
وثانيا : أنّه لو سلّمنا بدلالتها على جواز الإتيان بالوضوء قبل وقت الصلاة ، فهي كما في التنقيح لا تدلّ بوجه على أنّ الإتيان به بتلك الغاية ـ أعني غاية التهيّؤ للصلاة ـ أمر مشروع في الشريعة المقدّسة وأنّه موجب لصحّته وتماميّته ؛ وذلك لإمكان الإتيان به قبل الوقت بغاية الكون على الطهارة أو بغاية صلاة مندوبة أو لأجل استحبابه النفسيّ بناء على ثبوته ، على أنّا لو سلّمنا بدلالتها على مشروعيّة الوضوء للتهيّؤ قبل وقت الصلاة فلما ذا خصّصوا استحبابه بما إذا أتى به قريبا من الوقت؟! لأنّه على ذلك لا فرق في استحبابه للتهيّؤ بين الإتيان به قريبا من الوقت أم بعيدا عنه ، كما إذا توضّأ أوّل طلوع الشمس مثلا للتهيّؤ لصلاة الظهر (٢).
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ إمكان الإتيان بالوضوء بسائر الغايات لا ينافي دلالة الأدلّة المذكورة على استحباب إتيان الوضوء قبل وقت الصلاة للتهيّؤ وتحقّق المسارعة المندوبة ، لأنّ كلّ سبب يقتضي مقتضاه.
واستدلّ في التنقيح على استحباب مشروعيّة الوضوء للتهيّؤ قبل الوقت
__________________
(١) ٢ / ٣٨٩.
(٢) التنقيح : ٤ / ٨ ـ ٧.