يدلّ بالأصالة على وجوب الدخول في السوق وإذا قلنا اشتر اللحم يدلّ على وجوب الدخول في السوق تبعا والأوّل أصليّ والثاني تبعيّ وكلاهما مدلولان للكلام ويدلّان على الوجوب كما أنّ دلالة الإشارة من المداليل الكلاميّة كدلالة الآيتين الكريمتين وهما قوله تعالى :
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ). وقوله تعالى (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً.) على أنّ أقلّ مدّة الحمل ستّة أشهر فإنّ الدلالة المذكورة وإن كانت بالأصالة ولكن تكون حجّة لأنّها من لوازم الخطاب.
وعليه فالواجب سواء كان مدلولا أصليّا للكلام أو تبعيّا يكون لازم الإتيان ويصحّ بهذا الاعتبار تقسيم الواجب إلى الأصليّ والتبعيّ وإن لم يكن له ثمرة.
وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية حيث ذهب إلى أنّ هذا التقسيم بلحاظ مقام الثبوت لا بلحاظ مقام الدلالة والإثبات واستدلّ له بأمرين :
أحدهما : أنّ الاتصاف بهما إنّما هو في نفسه لا بلحاظ حال الدلالة عليه.
وثانيهما إنّ الواجب ربما لا يكون مفاد الأدلّة اللفظيّة كما إذا دلّ عليه الدليل اللبّيّ كالإجماع.
وذلك لأنّ التقسيمات الاخرى من النفسيّ والغيريّ والمطلق والمشروط والمعلّق والمنجّز تصلح للقرينيّة على أنّ المراد من الأصليّ والتبعيّ في المقام أيضا يكون بلحاظ مقام الإثبات ولحاظ الخطاب فإنّ تلك التقسيمات باعتبار مقام الإثبات.
هذا مضافا إلى قابليّة معقد الإجماع للتقسيم المذكور بلحاظ مقام الإثبات والدلالة.
ثمّ لو شكّ في واجب أنّه أصليّ أو تبعيّ فلا ثمرة على المختار للتعيين لأنّه على كلا التقديرين من مداليل الكلام ويكون موجبا للزوم الإتيان.
وأمّا ما في الكفاية بناء على مختاره من التفصيل بين ما إذا كان الواجب التبعيّ