والقول بأنّ الموصليّة تنتزع من وجود الواجب وترتّبه عليها ، فالاتّصاف ببعض المقدّمات بعنوان الموصليّة ليس من ناحية المقدّمات مندفع بما أفاده المحقّق الأصفهانيّ قدسسره من أنّ الموصليّة وشبهها من العناوين منتزعة من المقدّمة عند بلوغها إلى حيث يمتنع انفكاكها عن ذيها ، لا أنّها منتزعة من ترتّب ذيها ؛ نظير عنوان العلّيّة والمعلوليّة بنحو التماميّة فإنّهما عنوانان متضائفان متلازمان ينتزع كلّ منهما عن ذات العلّة وعن ذات المعلول ؛ فالعلّة التامّة لا تنتزع إلّا عن الشىء عند بلوغه إلى حيث يكون المعلول به ضروريّا لا عن المعلول ، وكذلك المعلول ينتزع من الشىء عند بلوغه إلى حيث يكون سبب العلّة ضروريّ الثبوت لا عن العلّة (١).
وعليه ، فالموصليّة تنتزع من المقدّمات الموصلة لا غيرها ولا من وجود الواجب وترتّبه عليها ، بل من ناحية المقدّمات عند بلوغها إلى حيث يمتنع انفكاكها عن ذيها ، ومع هذا التفاوت دعوى عدم التفاوت بين الموصلة وغيرها مجازفة.
ومنها : ما في الكفاية أيضا من أنّ الإيصال ليس أثر تمام المقدّمات فضلا عن إحداها في غالب الواجبات ، فإنّ الواجب إلّا ما قلّ في الشرعيّات والعرفيّات فعل اختياريّ يختار المكلّف تارة إتيانه بعد وجود تمام مقدّماته واخرى عدم إتيانه ، فكيف يكون اختيار إتيانه غرضا من ايجاب كلّ واحدة من مقدّماته مع عدم ترتّبه على تمامها فضلا عن كلّ واحدة منها؟! نعم ، فيما كان الواجب من الأفعال التسبّبيّة والتوليديّة (كإلقاء النار على القطن) كان مترتّبا لا محالة على تمام مقدّماته لعدم تخلّف المعلول عن علّته. ومن هنا قد انقدح أنّ القول بالمقدّمة الموصلة يستلزم إنكار وجوب المقدّمة في غالب الواجبات ، والالتزام بوجوب الإرادة في الباقي التزام بالتسلسل لعدم كون الإرادة بالاختيار (٢).
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٣٥٥.
(٢) كفاية : ١ / ١٨٥ ـ ١٨٦.