أنّ الواجب هو المقدّمة في ظرف الإيصال مع الاعتراف بأنّ الغرض الداعي إلى إيجاب المقدّمات هو التوصّل إلى وجود ذي المقدّمة ، وهي ما تقرّر في محلّه من أنّ الجهات التعليليّة في الأحكام العقليّة جهات تقييديّة ، فإن ضمّ ذلك إلى ما اعترفتم به ينتج اختصاص الوجوب بالمقدّمة المعنونة بالإيصال ، وما تقدّم من محذور عدم ترتّب الغرض المزبور على مجموع المقدّمات لخروج الإرادة عن دائرة الاختيار فهو مضافا إلى اندفاعه بما ذكر مشترك الورود بين الرأيين؟
قلت : إنّ منشأ انتزاع عنوان الموصليّة وحمله على المقدّمة إمّا أن يكون ثبوت خصوصيّة في المقدّمة بها يترتّب ذو المقدّمة ، كالسبب التوليديّ ، وكمجموع المقدّمات حتّى الإرادة بناء على تعلّق الأمر الغيريّ بها أيضا ، وكمجموع المقدّمات ما سوى الإرادة بناء على عدم تعلّقه بها على ما تقدّم آنفا من إمكان اتّصاف مجموع المقدّمات بصفة الإيصال عند تحقّق الإرادة ، فإنّ عنوان الإيصال في هذه الموارد إنّما ينتزع من ذات المقدّمة وإمّا أن يكون هو ترتّب ذي المقدّمة على المقدّمة.
وحيث إنّه لا يمكن المصير إلى الوجه الثاني ، لما يرد عليه من المحاذير المتقدّمة في صدر البحث ـ إلى أن قال ـ : يتعيّن اختيار الوجه الأوّل ، وهو يقتضي تعيّن كون الإيصال ظرفا للمقدّمة الواجبة لا قيدا.
وتقريب ذلك هو أنّ الغرض الداعي إلى إيجاب المقدّمات ـ أعني به التوصّل إلى وجود ذي المقدّمة ـ حيث إنّه لا يترتّب على كلّ مقدّمة بالاستقلال ، بل غاية ما يترتّب عليها حفظ وجوده من ناحيتها فقط ، فلا محيص في مقام تعلّق الوجوب الغيريّ الناشئ من هذا الغرض بكلّ مقدّمة من أحد أمور ثلاثة :
الأوّل : تقييد المقدّمة الواجبة بترتّب ذي المقدّمة عليها الملازم بوجود سائر المقدّمات.
الثاني : تقييدها بوجود سائر المقدّمات الملازم لترتّب ذي المقدّمة.
الثالث : تخصيص الوجوب بالحصّة الخاصّة من المقدّمة التوأم مع وجود سائر