شمول المورد حجّة على التعبّد به ما لم تقم حجّة على خلافها ، واحتمال الاستحالة غير حجّة ، فلا يمنع عن تصديق الحجّة ، فتدبّر جيّدا (١).
وعليه ، فالملازمة سواء كانت بين الواقعيّين أو بين الفعليّين لا تمنع عن جريان الأصل عند الشكّ فيها لأن إطلاق أدلّة الاستصحاب حجّة ما لم يحرز المانع ، وهي الملازمة ، فتحصّل إلى مقتضى الأصل في المسألة هو أنّه لا أصل في نفس الملازمة لو شكّ فيها ، ولكنّ الأصل الحكميّ ـ أعني أصالة عدم وجوب المقدّمة عند وجوب ذيها ـ جارية. أدلّة وجود الملازمة
منها شهادة الوجدان ، ذهب شيخنا الأعظم قدسسره إلى شهادة الوجدان على وجود الملازمة بين طلب ذي المقدّمة وطلب المقدّمة ، وتبعه صاحب الوقاية والدرر والمحقّق العراقيّ وصاحب الكفاية (٢).
والمحصّل من تقريباتهم أنّ من راجع وجدانه وأنصف من نفسه يقطع بثبوت الملازمة بين الطلب المتعلّق بالفعل والمتعلّق بمقدّماته ، وليس المراد تعلّق الطلب الفعليّ بها ؛ كيف والبداهة قاضية بعدمه لجواز غفلة الطالب عن المقدّمة. نعم في مثل الشارع الذي لا يغفل يصحّ دعوى ذلك ، ولكنّ النزاع ليس منحصرا في الطلب الصادر من الشارع ، فالمدّعي أنّ المولى إذا التفت إلى مقدّمات مطلوبة لكان طالبا لها وهو كاف في ترتّب جميع آثار الأمر الفعليّ حتّى لزوم الامتثال ، ولذا لو غرق ولد المولى وهو لا يعلم أو لا يعلم أنّ الغريق ولده فالطلب الفعليّ وإن لم يكن متحقّقا لتوقّفه على الالتفات المفروض عدمه ، لكن حيث إنّ المعلوم من حاله أنّه لو التفت إلى ذلك لكان طالبا لإنقاذه يكفي في ترتّب آثار الأمر الفعليّ ، بحيث لو لم ينقذ العبد ابن المولى في المثال المذكور عدّ عاصيا ويستحقّ العقاب. فكما أنّ التقرير المذكور كاف في الواجبات
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٣٧٤.
(٢) راجع الوقاية : / ٢٤٩ ـ الدرر : / ١٢٥ ـ بدائع الأفكار : ١ / ٣٩٩ ـ الكفاية : ١ / ٢٠٠.