التصرّف في مال الغير فلا محالة يوجب سقوط الحرمة عنه وأمّا إن جاء بها لا بقصد التوصّل بل بقصد التنزّه فلا موجب لسقوط الحرمة عنه أبدا.
ويمكن أن يقال : إنّ مناط مطلوبيّة المقدّمة هو وقوعها في طريق الإنقاذ ولو لم يكن مع قصد التوصّل وعليه ففي صورة المزاحمة لا دخل لقصد التوصّل وإنّما المدخليّة لنفس التوصّل فالسلوك في الأرض المغصوبة إذا وقع في طريق الإنقاذ لا يكون محرّما بداهة أنّه لا يعقل بقاؤه على حرمته مع توقّف الواجب الأهمّ عليه ولا فرق في ارتفاع الحرمة عنه عن خصوص هذه المقدّمة بين أن يكون الآتي بها قاصدا للتوصّل بها إلى الواجب المذكور أم لا غاية الأمر أنّه إذا لم يكن قاصدا بها التوصّل كان متجرّيا.
وأمّا إذا لم يقع السلوك في طريق الإنقاذ فبقى حرمته على حالها ضرورة أنّه لا موجب ولا مقتضى لارتفاع الحرمة أصلا فإنّ المقتضي لذلك وقوع المقدّمة في طريق الوصول إلى الواجب الأهمّ والمفروض هو عدمه فمع عدم وجوبها لا تقع المزاحمة مع حرمتها في نفسها كما لا يخفى فتحصّل أنّه لا دليل على اعتبار قصد التوصّل.
دليل اعتبار الإيصال
ذهب صاحب الفصول قدسسره إلى أنّ مقدّمة الواجب لا تتّصف بالوجوب والمطلوبيّة من حيث كونها مقدّمة إلّا إذا ترتّب عليها وجود الواجب بحيث إذا وقعت المقدّمة مجرّدة عن وجود الواجب تجرّدت عن وصف الوجوب والمطلوبيّة لعدم وجودها على الوجه المعتبر فالتوصّل بها إلى الواجب من قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب وهذا عندي هو التحقيق الذي لا مزيد عليه وإن لم أقف على من يتفطّن له.
واستدلّ له بوجوه منها : إنّ العقل لا يدلّ على أزيد من ذلك وهو ظاهر لأنّ مناط المطلوبيّة الغيريّة منحصر في المقدّمات الموصلة لا غيرها والعقل لا يحكم بالوجوب بدون المناط وعليه فلا يدلّ على أزيد من ذلك وبعبارة اخرى إنّ الغايات في الأحكام