فإنّ الآمر نفى الأمر النفسيّ بالمقدّمات وهو كذلك إذ لا يدّعى وجود أوامر أو إرادات نفسيّة بالنسبة إلى المقدّمات بل الأوامر الغيريّة أو إرادة غيريّة مورد الكلام نحن ندّعي الوجدان على وجود إرادات غيريّة ولو تقديرا. ولا يصحّ في مثل ذلك دعوى البداهة على عدم وجود إرادات غيريّة.
وأمّا الاستشهاد بأنّ المولى عند التزامه بإعطاء الدينار عند امتثال كلّ أمر من أوامره لم يعط الممتثل أكثر من دينار واحد ولو كان لمورد الامتثال مقدّمات عديدة.
ففيه أنّه تابع لما التزمه المولى فإنّه إن التزم بإعطاء الدينار على امتثال الأمر النفسيّ فليس عليه إلّا الدينار الواحد وأمّا إذا التزم بامتثال الأمر ولو كان غيريّا فعليه ألف دينار.
أورد عليه أيضا بأنّ الضرورة قاضية بعدم إرادة البعث نحو المقدّمات لعدم تحقّق البعث في غالب الموارد وعليه فلو كانت الإرادة بالنسبة إليها موجودة يلزم تفكيك الإرادة عن معلولها وهو البعث وحيث إنّ التفكيك بين العلّة والمعلول محال فإرادة البعث غير حاصلة وتعلّق الإرادة بنفس عمل الغير غير معقول وغير مقدور لأنّ عمل كلّ أحد متعلّق إرادة نفسه لا غيره نعم يمكن اشتياق صدور عمل من الغير لكنّ الاشتياق غير الإرادة.
هذا مضافا إلى أنّ تعلّق إرادة البعث نحو المقدّمات مع صحّة انبعاث العبد بالبعث إلى ذيها لغو لا يصدر عن الحكيم وعليه فما ورد في الشرع من الأوامر الغيريّة يحمل إمّا على الإرشاد إلى ما حكم به العقل أو يحمل على تأكيد الأمر بذي المقدّمة من باب الكناية وأيضا لا ملزم مع كفاية الأمر بالنسبة إلى ذي المقدّمة لتحريك العبد نحو المقدّمات وإحداث خوف المخالفة بالنسبة إلى المقدّمات.
على أنّ الإرادة التشريعيّة والأوامر الغيريّة توجب اجتماع الأمرين في المقدّمة الداخليّة في المركّبات مع أنّها عين المركّب.