(الثانى) ان التفقه الواجب ليس إلّا معرفة الامور الواقعية من الدين فالانذار الواجب هو الانذار بهذه الامور المتفقه فيها فالحذر لا يجب إلّا عقيب الانذار بها فاذا لم يعرف المنذر بالفتح ان الانذار هل وقع بالامور الدينية الواقعية او بغيرها خطاء او تعمدا من المنذر بالكسر لم يجب الحذر حينئذ فانحصر وجوب الحذر فيما اذا علم المنذر صدق المنذر فى انذاره بالاحكام الواقعية فهو نظير قول القائل اخبر فلانا بأوامري لعله يمتثلها فهذه الآية نظير الامر بنقل الروايات فان المقصود من هذا الكلام ليس إلّا العمل بالامور الواقعية لا وجوب تصديقه فيما يحكى ولو لم يعلم مطابقته للواقع ولا يعد هذا ضابطا لوجوب العمل بالخبر الظنى الصادر من المخاطب فى الامر الكذائى ونظيره جميع ما ورد من بيان الحق للناس ووجوب تبليغه اليهم فان المقصود منه اهتداء الناس الى الحق الواقعى لا انشاء حكم ظاهرى لهم بقبول كل ما يخبرون به وان لم يعلم مطابقته للواقع ثم الفرق بين هذا الايراد وسابقه ان هذا الايراد مبنى على ان الآية ناطقة باختصاص مقصود المتكلم بالحذر عن الامور الواقعية المستلزم لعدم وجوبه الابعد احراز كون الانذار متعلقا بالحكم الواقعى واما الايراد الاول فهو مبنى على سكوت الآية عن التعرض لكون الحذر واجبا على الاطلاق او بشرط حصول العلم
(حاصل ما افاده) فى الوجه الثانى ان وجوب الحذر انما يكون عقيب انذار المنذر بما تفقه والتفقه عبارة عن العلم باحكام الدين من الواجبات والمحرمات الواقعية فلا بد فى وجوب الحذر عقيب الانذار من ان يكون المنذر بالفتح عالما بان انذار المنذر بالكسر كان بالمحرمات والواجبات الواقعية وإلّا فلا يجب عليه الحذر فيختص اعتبار قول المنذر بما اذا حصل للمنذر بالفتح العلم بالحكم الشرعى من قوله وانذاره.
(فهذه الآية) نظير الامر بنقل الروايات فان المقصود من امر الائمة عليهمالسلام اصحابهم بنشر الاخبار بين المسلمين ليس إلّا العمل بالامور الواقعية لا وجوب تصديقه فيما يحكى ولو لم يعلم مطابقته للواقع ولا يعد تصديق المخبر ضابطا لوجوب العمل