(الثالث) لو سلمنا دلالة الآية على وجوب الحذر مطلقا عند انذار المنذرين ولو لم يفد العلم لكن لا يدل على وجوب العمل بالخبر من حيث انه خبر لان الانذار هو الابلاغ مع التخويف فانشاء التخويف مأخوذ فيه والحذر هو التخوف الحاصل عقيب هذا التخويف الداعى الى العمل بمقتضاه فعلا ومن المعلوم ان التخويف لا يجب إلّا على الوعاظ فى مقام الايعاد على الامور التى يعلم المخاطبون بحكمها من الوجوب والحرمة كما يوعد على شرب الخمر وفعل الزنا وترك الصلاة وعلى المرشدين فى مقام ارشاد الجهال فالتخوف لا يجب الاعلى المتعظ او المسترشد ومن المعلوم ان تصديق الحاكى فيما يحكيه من لفظ الخبر الذى هو محل الكلام خارج عن الامرين توضيح ذلك ان المنذر اما ان ينذر ويخوّف على وجه الافتاء ونقل ما هو مدلول الخبر باجتهاده واما ان ينذر ويخوّف بلفظ الخبر حاكيا له عن الحجة فالاول كان يقول يا ايها الناس اتقوا الله فى شرب العصير فان شربه يوجب المؤاخذة والثانى كان يقول فى مقام التخويف قال الامام عليهالسلام من شرب العصير فكانما شرب الخمر اما الانذار على الوجه الاول فلا يجب الحذر عقيبه الاعلى المقلدين لهذا المفتى واما على الثانى فله جهتان إحداهما جهة تخويف وايعاد والثانية جهة لحكاية قول من الامام عليهالسلام
(حاصل الوجه الثالث) ان الانذار الذى رتب عليه وجوب الحذر ليس مطلق الاخبار عن الحكم بل هو الاخبار المشتمل على التخويف فانشاء التخويف مأخوذ فيه والتخويف ليس من شأن الراوى لان وظيفته ليست إلّا مجرد حكاية الرواية بالفاظها او بمضمونها وقضية حجيته ليس إلّا وجوب تصديقه فيما يحكيه عن الامام عليهالسلام لا الحذر عند تخويفه.
(ومن المعلوم) ان التخويف لا يجب الاعلى الوعاظ الذين شأنهم التذكير بما يعرفه الناس من الحلال والحرام او على المرشدين الذين شأنهم الارشاد الى ما يجهله الناس من الواجبات والمحرمات فالتخوف والتحذر يجب على المتعظ