ـ (ومنها) ان دليل البدلية لا يكون حاكما على الادلة الدالة على الاجتناب عن عنوان المحرم الواقعى فانه ان اراد من تلك الادلة ما دل على تحريم العنوان الواقعى فمن الواضح انه لا يدل على وجوب الاحتياط حتى يصير دليل البدلية حاكما عليه ضرورة ان وجوب الاطاعة بالاحتياط لا يعقل ان يراد من دليل تحريم الشىء فانه حكم عقلى متفرع على وجود الامر والنهى من الشارع كما هو الشأن فى جميع ادلة مراتب الاطاعة.
(وان اراد منها حكم العقل بوجوب الاحتياط) فما دل على البدلية ليس حاكما عليه بل وارد عليه لان حكمه بوجوب الاحتياط انما هو من جهة احتمال الضرر فى كل مشتبه ومن ذلك يظهر عدم الحكومة ايضا لو اراد من تلك الادلة ما دل على حرمة العنوان الواقعى بملاحظة حكم العقل بوجوب الاحتياط فما جعله محكوما بالنسبة الى ما دل على البدلية لا دلالة فيه على وجوب الاحتياط اصلا وما يدل عليه يكون موردا بالنسبة اليه الى غير ذلك من الإشكالات التى لا محيص عنها وقد تعرض لها تفصيلا فى بحر الفوائد.
(قوله الثانى ما يستفاد من اخبار كثيرة الخ) الوجه الثانى الذى يعضد القاعدة المذكورة وهى وجوب دفع الضرر المقطوع به بين المشتبهين ووجوب اطاعة التكاليف المعلومة ما يستفاد من اخبار كثيرة التى يأتى ذكر بعضها من كون الاجتناب عن كل واحد من المشتبهين امرا مسلما مفروغا عنه بين الائمة والشيعة بل العامة ايضا.
(بل استدل صاحب الحدائق فى الدرة النجفية) على اصل القاعدة باستقراء مواردها فى الشريعة ولكن فيه مضافا الى ان حصول الاستقراء التام غير ثابت انه معارض بالمثل فى بعض الموارد كما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات على من تردد فائتته بين الرباعية والثلاثية والثنائية فانه لا يحصل به الاحتياط بالنسبة الى الجهر والاخفات وكذلك قصد العنوان وقصد ما فى الذمة غير كاف فى تحصيل الاحتياط وغير ذلك.