المردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد.
الامر الثاني : يعتبر في الاستصحاب أيضا أن يكون الأثر المقصود إثباته مترتبا على بقاء المستصحب ، لا على حدوثه ، ولا على الأعم من الحدوث والبقاء (١) لو فرض إمكان ذلك (٢) فان الحدوث محرز بالوجدان ويلزمه إحراز الأثر المترتب عليه ، فلا مجال للاستصحاب ، لأنه يلزم إحراز ما هو محرز بالوجدان بالتعبد ، وهو أردأ أنحاء تحصيل الحاصل ، وذلك واضح.
الامر الثالث : يعتبر في الاستصحاب أيضا أن يكون الأثر الذي يراد إثباته به مترتبا على نفس الواقع المشكوك فيه ، لا على الشك فيه بحيث يكون الشك تمام الموضوع للأثر من دون أن يكون للواقع المشكوك فيه دخل في ذلك ، فإنه لو كان الأثر مترتبا على نفس الشك ، فبمجرد حدوث صفة الشك يترتب الأثر ويكون محرزا بالوجدان ، فلا حاجة إلى إحراز الواقع بالاستصحاب ، بل لو فرض كون الأثر مترتبا على الأعم من الواقع والشك فيه ، فالاستصحاب أيضا لا يجري ، لاحراز الأثر بمجرد الشك ، فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب ، لان الاستصحاب إنما شرع لبقاء الواقع وتنزيل المشكوك فيه منزلة المتيقن ، فإذا فرض أن الأثر رتب شرعا على نفس الشك فلا موقع للتعبد ببقاء الواقع ، لأنه يلزم التعبد بما هو محرز بالوجدان.
الامر الرابع : لا إشكال في أن الاستصحاب وارد على قاعدة الاشتغال والبراءة (٣) سواء توافقا في المؤدى أو تخالفا.
__________________
١ ـ أقول : بل ويكفي في الاستصحاب كون الأثر مترتبا على ما هو محفوظ في ضمن الحدوث والبقاء الساري فيهما من دون دخل لحيث البقاء فيه أيضا ، كما هو الغالب في موارده.
٢ ـ والظاهر أنه لا يمكن ، لسبق الحدوث على البقاء دائما فيلزم لغوية أخذ البقاء موضوعا آخر للأثر في عرض الحدوث ، لان الأثر دائما يستند إلى الحدوث ولا يستند إلى البقاء أبدا ، فتأمل ( منه ).
٣ ـ أقول : ما أفيد في البراءة إنما يصح لو كان موضوع القبح لا بيان بالإضافة إلى الوجود والعدم ،