المعنى لا يقتضيه أدلة الاحكام ، بل يحتاج إلى دليل آخر ، بخلاف الاستمرار في مثل الآية الشريفة ، فإنه عبارة عن عدم تحديد الحكم بزمان دون زمان ، وهذا الاستمرار يمكن أن يتكفله دليل الحكم بمعونة مقدمات الحكمة. وبالجملة : الاستمرار المقابل للنسخ غير الاستمرار المقابل لتقييد الحكم وتحديده بزمان خاص.
فدعوى : أن النسخ يكون من تقييد الاطلاق ، واضحة الفساد ، مع أنه لو سلم كونه من تقييد الاطلاق ، فقد عرفت : أنه لا مجال للنسخ إلا بعد ثبوت الحكم ، وظهور الخاص في التخصيص يمنع عن ثبوت حكم العام في أفراد الخاص (١) فيرتفع به موضوع النسخ.
فالأقوى : تقديم التخصيص على النسخ لو دار الامر بينهما ، فتأمل جيدا. هذا تمام الكلام فيما إذا كان لاحد المتعارضين مزية في الدلالة تقتضي التصرف في الآخر بحسب المحاورات العرفية.
المبحث السادس
إذا كان التعارض بين أكثر من دليلين
فصوره وإن كانت كثيرة ، إلا أنه نحن نقتصر على ذكر أصولها ويعرف منها حكم سائر الصور (٢).
__________________
١ ـ أقول : قد تقدم انه يكفي لاثبات الحكم أصالة العموم في العام المتقدم ، وهو يصلح للمعارضة مع أصالة الظهور في الخاص.
٢ ـ أقول : قبل الشروع في الفروض ينبغي تنقيح مناط تعارض الظهورين وترجيحه ، فأقول : بعدما كان موضوع الحجية هو الظهور بمعنى الدلالة التصديقية النوعية الذي مرجعه إلى الكشف النوعي الحاصل من وضع اللفظ أو ما هو بحكمه الصادر في حال الإفادة والاستفادة ، فلا محيص من كون هذا