المبحث الأول
اختلفت كلمات الاعلام في أن الكبرى المجعولة الشرعية في قاعدة الفراغ هل هي عين الكبرى المجعولة في قاعدة التجاوز؟ فترجع القاعدتان إلى قاعدة واحدة ، أو أن الكبرى المجعولة الشرعية في قاعدة الفراغ غير الكبرى المجعولة في قاعدة التجاوز؟ بل كل منهما قاعدة مستقلة برأسها لا يجمعهما كبرى واحدة ، إحداهما مضروبة للشك في الاجزاء في أثناء العمل ، والأخرى مضروبة للشك في صحة مجموع العمل بعد الفراغ منه.
ويمكن أن يستظهر من كلام الشيخ قدسسره اتحاد القاعدتين ووحدة الكبرى المجعولة الشرعية ، حيث قال : « الموضع السادس ـ أن الشك في صحة الشيء المأتي به حكمه حكم الشك في الاتيان ، بل هو هو ، لان مرجعه إلى الشك في وجود الشيء الصحيح » انتهى. فتكون الكبرى المجعولة الشرعية هي عدم الالتفات إلى الشك في الشيء بعد التجاوز عنه ، سواء كان متعلق الشك وجود الشيء أو صحته ، لأن الشك في الصحة يرجع إلى الشك في وجود الصحيح ، فالجامع بين القاعدتين هو الشك في الوجود ، غايته أن الشك في قاعدة التجاوز يتعلق بوجود الشيء ، وفي قاعدة الفراغ يتعلق بوجود الصحيح ، وهذا المقدار من الاختلاف لا يقتضي اختلاف الكبرى ، بل هو من اختلاف الموارد والصغريات.
هذا ، ولكن يرد عليه :
أولا : أن متعلق الشك في قاعدة التجاوز إنما هو وجود الشيء بمفاد كان التامة ، وفي قاعدة الفراغ إنما هو صحة الموجود بمفاد كان الناقصة (١) ولا جامع
__________________
١ ـ أقول : لقد أجاد فيما أفاد ، فياليت! لم يرجع عن هذه الجهة ، على ما سيأتي مع ما فيه.