ذلك من التدليس في الشهادة ، فإنهما قد أعملا الاستصحاب في مورد لا يجوز إعماله فيه ، لكونه محكوما باليد ، فلا يجوز للشاهد الشهادة بالاستصحاب إلا في مورد لم يكن المال في يد أحد المتداعيين ، كما إذا كان المال في يد ثالث لا يدعيه وتداعيا عليه شخصان وكان المال ملكا لأحدهما سابقا ، ففي ذلك يجوز الشهادة بالاستصحاب. وأما إذا كان المال في يد من يدعيه فلا يجوز الشهادة عليه بالاستصحاب.
فالتحقيق : أن حكم البينة حكم علم الحاكم لا يجوز انتزاع المال عن ذي اليد وتسليمه إلى المدعي (١).
وأما على الأول : وهو ما إذا أقر ذو اليد بأن المال كان في السابق ملكا للمدعي أو لمورثة ، فالأقوى ـ وفاقا للمحكي عن المشهور ـ انتزاع المال عن ذي اليد وتسليمه إلى المدعي ، لان باقراره تنقلب الدعوى ويصير المدعي منكرا والمنكر مدعيا ، فإنه عند إقراره بأن المال كان للمدعي إما أن يضم إلى إقراره دعوى الانتقال إليه وإما أن لا يضم إلى إقراره ذلك بل يدعي الملكية الفعلية مع إقراره بان المال كان للمدعي.
فان لم يضم إلى إقراره دعوى الانتقال يكون إقراره مكذبا لدعواه الملكية الفعلية (٢) فإنه لا يمكن خروج المال عن ملك من كان المال ملكا له ودخوله في
__________________
على المال من الأول ، وإلا فمقتضى عدم تعطيل البينة على المدعي في الأملاك في الموارد الغالبة الالتزام بتقديم اليد السابقة على اللاحقة في موارد البينة على الملكية الفعلية دون غيرها. نعم مع عدم إقامته على الملكية الفعلية لا تفيد البينة لعدم حجية اليد ، لعدم كونه ميزانا للحكم كي يلزم تعطيل البينة في الدعاوي كثيرا كما لا يخفى.
١ ـ أقول : هذا أيضا في صورة لا يكون مستند الشاهد إلا استصحاب الملكية السابقة في قبال اليد التي هي حجة على الملكية حتى في حق الشاهد ، وإلا ففي صورة احتمال عدم حجية اليد عنده ـ لاحراز عنوان كونه يدا على ملك الغير حقيقة أم تعبدا ـ يتبع البينة وينتزع المال من يده.
٢ ـ أقول : أولا ـ مجرد عدم ضم دعوى الانتقال إلى اقراره لا يقتضي مكذبية إقراره ليده ، وإنما