( بالكسر ) طرفا للعلم الاجمالي كالملاقي ( بالفتح ) ويسقط عنه الأصل النافي للتكليف بنفس سقوطه عن الملاقى ( بالفتح ) بالبيان المتقدم في منافع الدار وما يلحق بها ، وهذا كله واضح مما لا ينبغي الاشكال فيه.
إنما الاشكال فيما هو المستفاد من الأدلة الواردة في النجاسات ، فقد يقال : إن ما دل على وجوب الاجتناب عن النجس بنفسه يدل على وجوب الاجتناب عن ملاقيه ، كما استدل ابن زهرة في الغنية بقوله تعالى : « والرجز فاهجر » (١) لوجوب هجر الملاقي. ولا يخفى ضعفه ، فان الرجس والرجز عبارة عن نفس الأعيان النجسة ، فالآية إنما تدل على وجوب الاجتناب عن الأعيان النجسة من غير تعرض لها لحكم الملاقي ، ولو كان مبنى الاستدلال على تعميم الرجز للمتنجس ، فهو مع فساده في نفسه يكون أجنبيا عن المقام ، إذ أقصاه أن تكون الآية من الأدلة على وجوب الاجتناب عن المتنجس كالنجس ، وهذا لا ربط له بما نحن فيه : من إثبات كون الموضوع لوجوب الاجتناب عن المتنجس نفس النجس.
نعم : يمكن أن يستدل على ذلك بما رواه عمر بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام « إنه أتاه رجل ، فقال له : وقعت فارة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام لا تأكله ، فقال الرجل : الفارة أهون علي من أن أترك طعامي لأجلها! فقال له أبو جعفر عليهالسلام إنك لم تستخف بالفارة وانما استخففت بدينك! إن الله حرم الميتة من كل شيء » (٢).
وتقريب الاستدلال بها : هو أنه عليهالسلام جعل ترك الاجتناب عن الطعام الذي وقعت فيه الفارة استخفافا بالدين وفسره بتحريم الميتة ، ولولا كون نجاسة الميتة ووجوب الاجتناب عنها يقتضي الاجتناب عن الطعام الملاقي لها لم
__________________
١ ـ سورة المدثر ، الآية : ٥.
٢ ـ الوسائل : الباب ٥ من أبواب الماء المضاف ، الحديث ٢