في بقاء الحرمة والنجاسة المترتبة على العنب على تقدير الغليان عند فرض وجود العنب وتبدله إلى الزبيب قبل غليانه ، فيستصحب بقاء النجاسة والحرمة للعنب على تقدير الغليان ، ويترتب عليه نجاسة الزبيب عند غليانه إذا فرض أن وصف العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا أركانه ، وهذا القسم من الاستصحاب هو المصطلح عليه بالاستصحاب التعليقي.
وبعبارة أوضح : نعني بالاستصحاب التعليقي « استصحاب الحكم الثابت على الموضوع بشرط بعض ما يلحقه من التقادير » فيستصحب الحكم بعد فرض وجود المشروط وتبدل بعض حالاته قبل وجود الشرط ، كاستصحاب بقاء حرمة العنب عند صيرورته زبيبا قبل فرض غليانه. وفي جريان استصحاب الحكم في هذا الوجه وعدم جريانه قولان :
أقواهما : عدم الجريان ، لان الحكم المترتب على الموضوع المركب إنما يكون وجوده وتقرره بوجود الموضوع بما له من الاجزاء والشرائط ، لان نسبة الموضوع
__________________
المجرد تمام الموضوع للوجوب الفرضي ، فيصير نسبة الوجوب في فرضه وتعقله بالإضافة إلى هذا القيد ووجود الموضوع على السوية ، فلم يجر الاستصحاب في الأول دون الثاني.
ولئن اغمض عما ذكرنا أيضا وقلنا برجوع قيود الحكم إلى الموضوع ، فنقول : إن فرضية الحكم تبع فرضية وجود الموضوع إما بتمامه أو ببعض أجزائه وقيوده ، وأي عقل يفرق في فرضية الحكم بين فرضية تمام الموضوع أو بعضه؟ وليس مفاد الخطاب إلا حكم فرض تبع فرضية وجود الموضوع عقلا ، وفي هذه العرصة هل العقل يفرق بين فرضية تمام الموضوع أو بعضه؟ حاشا! وعلى فرض كون هذه الإناطة شرعية ، بمعنى أن الشارع جعل حكما فرضيا منوطا بفرضية موضوعه بتمامه ، نقول : إن الحكم الثابت للمركب إذا كان منبسطا على أجزائه فكل جزء يتلقى من هذا الخطاب حظا من الحكم الملازم مع حكم سائر أجزائه فعلية وفرضية ، وحينئذ كل جزء مشمول حكم فرضي تبع فرض حكم غيره بعدم وجوده ، فأين قصوره في شمول « لا تنقض » حكم هذا الجزء الفرضي المختص به؟.
وتوهم : أنه كالصحة التأهلية ، غلط واضح ، إذ المتيقن هو الحكم للذات في حال العنبية لا مطلقا ، ونحن نستصحب هذا الحكم الضمني الفرضي في حال الزبيبية. ولئن تأملت فيما ذكرنا ترى أنه ليس في كلماته إلا رعدا وبرقا خاليا عن المطر! ومصادرة محضة! فتأمل جدا.