حال ما شك في خروجه عن مورد الابتلاء حال ما علم دخوله في مورد الابتلاء في وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر.
فان قلت : المخصص المجمل المتصل بالعام يسري إجماله إلى العام ولا ينعقد له ظهور في جميع ما يحتمل انطباق مفهوم المخصص عليه إذا كان المخصص لفظيا أو عقليا ضروريا ، سواء كان إجماله لأجل تردده بين المتباينين أو بين الأقل والأكثر ، والتفصيل بينهما إنما هو في المخصص اللفظي المنفصل أو ما بحكمه من العقل النظري ، وأما العقل الضروري فحكمه حكم المتصل في سراية إجماله إلى العام وسقوطه عن قابلية التمسك به.
والسر في ذلك : هو أن المخصص إذا كان من الضروريات العقلية فبمجرد صدور العام من المتكلم ينتقل الذهن إليه ويكون كالقرينة المحتفة بالكلام يسري إجماله إليه لا محالة ، وهذا بخلاف العقل النظري ، فإنه لا ينتقل الذهن إليه إلا بعد الالتفات إلى المبادي التي أوجبت حكم العقل ، وقد لا تكون المبادي حاصرة في الذهن فلا يمنع عن انعقاد الظهور للعام ، ولا يسري إجماله إليه ، كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في محله.
ومن المعلوم : أن المخصص في المقام إنما يكون من الاحكام العقلية الضرورية ، لان ضرورة العقل قاضية باستهجان النهي عما لا يمكن الابتلاء به ولا يقدر عليه عادة ، فان اعتبار إمكان الابتلاء بموضوع التكليف من المرتكزات عند العرف والعقلاء ، فإذا اشتبه حال المخصص وتردد أمره بين الأقل والأكثر لاجمال مفهومه ، فلا محالة يسري إجماله إلى العمومات والمطلقات الدالة على حرمة المحرمات ، وتسقط عن قابلية التمسك بها في موارد الشك في إمكان الابتلاء واستهجان النهي.
قلت : أولا : يمكننا منع كون المخصص في المقام من الضروريات العقلية المرتكزة في أذهان العرف والعقلاء.