المبحث السادس
يعتبر في قاعدة الفراغ والتجاوز أن يكون الشك في صحة العمل راجعا إلى كيفية صدوره وانطباقه على المأمور به بعد العلم بمتعلق التكليف بأجزائه وشرائطه وموانعه موضوعا وحكما ، فلو كان الشك في الصحة لأجل الشك في متعلق التكليف من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية لا تجري فيه قاعدة التجاوز والفراغ ، بل لابد من الرجوع إلى ما تقتضيه الأصول العملية حسب اختلاف المقامات ، فان قاعدة الفراغ والتجاوز إنما جعلت لعلاج الشك في صحة العمل المأتي به من حيث انطباقه على المأمور به ، فلابد وأن يكون الشك متمحضا في الانطباق ، فلا تجري القاعدة إذا كان الشك في الصحة من حيثية أخرى غير حيثية الانطباق وإن حصل منه الشك في الانطباق أيضا.
وضابط كون الشك متمحضا في الانطباق هو أن يكون الشك بعد العمل ، بمعنى أنه يتوقف حصول الشك على صدور العمل ، بحيث لولا العمل لم يحصل الشك في الصحة والفساد ، بخلاف ما إذا لم يكن الشك متمحضا في الانطباق ، فإنه يمكن فرض حصول الشك ولو مع عدم فرض صدور العمل. إذا عرفت ذلك فاعلم : أن الشك في صحة العمل المأتي به وعدمها يتصور على وجوه :
فتارة : يشك في الصحة والفساد مع كون المكلف ملتفتا حال الشروع في العمل إلى ما يعتبر فيه من الاجزاء والشرائط وما ينبغي أن يقع عليه العمل ، غايته أنه بعد العمل طرء الشك في وقوعه على ما كان ينبغي أن يقع عليه ، لاحتمال أنه حصل له الغفلة وترك جزء أو شرطا نسيانا.
وأخرى : يشك في صحة العمل وفساده مع عدم التفات المكلف حال