ـ التنبيه الرابع عشر ـ
المراد من « الشك » الذي اخذ موضوعا في باب الأصول العملية وموردا في باب الامارات ليس خصوص ما تساوى طرفاه ، بل يشمل الظن بالخلاف فضلا عن الظن بالوفاق ، فالمراد من « الشك » في قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك » هو خلاف اليقين ، لأنه من أحد معانيه ـ كما هو المحكي عن الصحاح ـ مضافا إلى ما تقدم في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي : من أن الشك إنما اخذ موضوعا في الأصول العملية من جهة كونه موجبا للحيرة وعدم كونه محرزا وموصلا للواقع ، لا من جهة كونه صفة قائمة في النفس في مقابل الظن والعلم ، فكل ما لايكون موصلا ومحرزا للواقع ملحق بالشك حكما وإن لم يكن ملحقا به موضوعا ، كما أن كل ما يكون موصلا للواقع ومحرزا له ملحق بالعلم حكما وإن لم يكن ملحقا به موضوعا ، فالظن الذي لم يقم دليل على اعتباره حكمه حكم الشك ، لاشتراكهما في عدم إحراز الواقع وعدم إيصالهما إليه.
وحينئذ لا حاجة إلى دعوى : كون رفع اليد عن اليقين السابق بسبب الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره يرجع إلى نقض اليقين بالشك للشك في اعتبار الظن ، فيندرج في قوله : « لا تنقض اليقين بالشك ». مع أن في هذه الدعوى مالا يخفى ، فان متعلق الشك هو حجية الظن ومتعلق الظن هو الواقع ، فلا يمكن أن يكون رفع اليد عن اليقين عند الظن بالواقع نقضا لليقين بالشك ، بل هو نقض لليقين بالظن ، فنحتاج إلى إثبات كون الظن ملحقا بالشك حكما أو موضوعا. هذا تمام الكلام في تنبيهات الاستصحاب.
* * *