الذكر.
وأما الدفع : فقد تقدم في مبحث البراءة عند التعرض لمفاد الحديث المبارك شطر من الكلام في عدم صحة التمسك بالحديث لرفع الجزئية في حال النسيان ، وإجماله : هو أنه يعتبر في جواز التمسك بحديث الرفع أمور :
الأول : أن يكون المرفوع شاغلا لصفحة الوجود ، بحيث يكون له نحو تقرر في الوعاء المناسب له : من وعاء التكوين أو وعاء التشريع (١) فإنه بذلك يمتاز الرفع عن الدفع ، حيث إن الدفع إنما يمنع عن تقرر الشيء خارجا وتأثير المقتضي في الوجود ، فهو يساوق المانع ، وأما الرفع فهو يمنع عن بقاء الوجود ويقتضي إعدام الشيء الموجود عن وعائه. نعم : قد يستعمل الرفع في مكان الدفع وبالعكس ، إلا أن ذلك بضرب من العناية والتجوز ، والذي تقتضيه الحقيقة : هو استعمال الدفع في مقام المنع عن تأثير المقتضي في الوجود ، واستعمال الرفع في مقام المنع عن بقاء الشيء الموجود.
الامر الثاني : أن يكون المرفوع مما تناله يد الرفع التشريعي ، إما بنفسه إذا كان المرفوع من الأحكام الشرعية ، وإما بأثره إذا كان من الموضوعات الخارجية التي رتب عليها آثار شرعية ، كحياة زيد وموت عمرو.
الامر الثالث : أن يكون في رفعه منة وتوسعة على المكلفين ، فان الحديث المبارك ورد مورد الامتنان ، فلابد من اقتضاء الرفع التوسعة والتسهيل ، لا الكلفة والتضييق.
إذا عرفت ذلك : فاعلم أن الظاهر الأولي من قوله ـ صلى الله عليه وآله
__________________
١ ـ أقول : بعد الجزم بشمول الخبر الشريف للعناوين المتصلة بالبلوغ يقطع بعدم كون المراد من « الرفع » معناه الحقيقي ، فلابد وأن يحمل على الأعم من الدفع ، ولو بعناية اعتبار الوجود للشئ بلحاظ وجود مقتضيه ، نظير شرط السقوط في متن العقد ، فإنه أيضا بهذه العناية ، وحينئذ لا يبقى مجال لهذه المقدمة أصلا. وإلى ما ذكرنا أيضا أشار شيخنا العلامة في رسائله ، فراجع.