ـ التنبيه السادس ـ
قد اصطلح على بعض أقسام الاستصحاب بالاستصحاب التعليقي ، وقيل بحجيته. والأقوى : ان الاستصحاب التعليقي مما لا أساس له إلا على بعض الوجوه المتصورة فيه ، وتحقيق الكلام في ذلك يستدعي تقديم أمور :
الأول : يعتبر في الاستصحاب الوجودي أن يكون المستصحب شاغلا لصفحة الوجود في الوعاء المناسب له : من وعاء العين أو وعاء الاعتبار ، إذ لا يعقل التعبد ببقاء وجود مالا وجود له ، وكذا يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا ذا حكم شرعي حتى يصح التبعد ببقائه باعتبار حكمه ، وأما الموضوعات التي لا يترتب على بقائها أثر شرعي فلا معنى للتعبد بها ، وذلك كله واضح.
الامر الثاني : الأسماء والعناوين المأخوذة في موضوعات الاحكام ـ كالحنطة والعنب والحطب ونحو ذلك من العناوين ـ تارة : يستفاد من نفس الدليل أو من الخارج أن لها دخلا في موضوع الحكم ، بحيث يدور الحكم مدار بقاء العنوان ويرتفع الحكم بارتفاعه ولو مع بقاء الحقيقة ، كما إذا علم أن لعنوان الحنطة دخلا في الحكم بالإباحة والطهارة ، فيرتفع الحكم بهما بصيرورة الحنطة دقيقا أو عجينا أو خبزا.
وأخرى : يستفاد من الدليل أو من الخارج أنه ليس للوصف العنواني دخل في الحكم ، بل الحكم مترتب على نفس الحقيقة والذات المحفوظة في جميع التغيرات والتقلبات الواردة على الحقيقة التي توجب تبدل ما كان لها من العنوان والاسم إلى عنوان واسم آخر مع انحفاظ الحقيقة.
وثالثة : لا يستفاد أحد الوجهين من الخارج أو من دليل الحكم ، بل يشك في مدخلية العنوان والاسم في ترتب الحكم عليه.