شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ في ابتداء الامر ، إلا أنه أخيرا وافق الشيخ وجعل المناط في الاستهجان عدم اتفاق الابتلاء لا عدم إمكانه ، فتأمل جيدا.
لا يجب الاجتناب عن الملاقي لاحد طرفي المعلوم بالاجمال ، إلا إذا قلنا بأن وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس إنما هو لأجل سراية النجاسة من الملاقى ( بالفتح ) إلى الملاقي ( بالكسر ) (١).
__________________
١ ـ أقول : الذي يقتضي تحقيق المقام مقدمة لشرح المرام أن يقال : أولا : ان ما يتصور في وجه نجاسة ملاقي النجس أمور :
أحدها : الالتزام بأنه حكم تعبدي ومجعول مستقل قبال جعل النجاسة للملاقي ( بالفتح ) وأن مثل هذا الحكم في ظرف ملاقاته النجس بحيث يكون مثل هذه الجهة مأخوذا في موضوعه بنحو التعليل والشرطية.
الثاني : أن يكون نجاسة الملاقي ( بالكسر ) جائية من قبل نجاسة الملاقى ( بالفتح ) وأنه من شؤونه ، كمجئ حركة المفتاح من قبل حركة اليد ، وأن الملاقاة سبب هذا النشو ، ومرجعه إلى كون نجاسة الملاقي ( بالكسر ) معلول نجاسة الملاقى ( بالفتح ) وكان هو مؤثرا فيه ، لا أنه حكم مجعول مستقل في قباله ، نظير نجاسة الكلب في قبال الخنزير ، غاية الامر مشروطا بالملاقات لا مطلقا.
الثالث : كون نجاسة الملاقي ( بالكسر ) مرتبة من مراتب نجاسة الملاقى ( بالفتح ) وكونه مقام سعة هذه النجاسة بلا اعتبار سببية ومسببية بينهما ، وأن اختلاف مراتب النجاسة سعة وضيقا بازدياد معروضه وقلته الناشئة من اتصال أحد الجسمين بالآخر وعدمه.
ولكن لا يخفى أن الوجه الآخر لا أظن التزامه من أحد ، إذ مع التزامهم بأن الشك في أحدهما مسبب عن الشك في الآخر ـ كما يشهد لذلك التزامهم بعدم معارضة أصالة الطهارة في الملاقي ( بالكسر ) مع استصحاب النجاسة في الملاقى ( بالفتح ) لان التعبد بالنجاسة لا يقتضي السراية التي من اللوازم العادية الواقعية ـ لا يناسب مثل هذا الوجه ، إذ مرجعه إلى كون نجاسة الملاقي ( بالكسر ) من مراتب نجاسة الملاقى ( بالفتح ) سعة وضيقا ، وهذا المعنى يناسب وحدة نجاستهما مرتبة ، مع أنه لا يناسب التعبير في النصوص بأنه « ينجسه » أو لا « ينجسه » إذ الظاهر من هذا التعبير نظير التعبير بقوله : « يحركه العواصف » كونه منشأ له ، لا أنه من مراتب وجوده كطول الحظ بالنسبة إلى ذاته ، فإنه لا يكون إلا في رتبة نفسه لا في رتبة