ثم إنه لو سلم الفرق بين الخطابات الغيرية في باب متعلقات التكاليف وفي باب الوضعيات وأنها في التكاليف تتضمن البعث والتحريك ، فلا إشكال في أنه ليس في آحاد الخطابات الغيرية ملاك البعث المولوي (١) وإلا خرجت عن كونها غيرية ، بل ملاك البعث المولوي قائم بالمجموع ، فالقدرة إنما تعتبر أيضا في المجموع لا في الآحاد ، وتعذر البعض يوجب سلب القدرة عن المجموع ، ولازم ذلك سقوط الامر من المجموع لا من خصوص ذلك البعض ، لان تعذر البعض يقتضي تعذر استيفاء الملاك القائم بالمجموع ، فلا فرق بين القيدية المستفادة من مثل قوله عليهالسلام « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » والقيدية المستفادة من الامر أو النهي الغيري.
فظهر : أن مقتضى القاعدة الأولية سقوط الامر بالمقيد عند تعذر بعض قيوده إن لم يكن لدليل المقيد إطلاق يمكن التمسك به ، من غير فرق بين أن يكون لدليل القيد إطلاق أو لم يكن.
في قيام الدليل على خلاف ما اقتضته القاعدة الأولية.
ومجمل الكلام فيه : هو أنه ربما يتمسك لوجوب ما عدا القيد المتعذر بالاستصحاب وبقاعدة الميسور.
__________________
١ ـ أقول : إنه ليس في هذا الكلام إلا مصادرة محضة! بل كل أمر مستقل مولوي نفسيا كان أم غيريا يقتضي بعثا مستقلا محتاجا إلى قدرة على متعلقه محضا ، لان نتيجة الامر بكل مقدمة ليس إلا سد باب عدم ذيها من قبله ، وحينئذ بعدم القدرة عليه يسقط هذ الامر. نعم : لولا ظهور الخطاب في دخل المأمور به بالامر الغيري بنحو الاطلاق في المأمور به بأمر آخر نفسي ، كان لاطلاق الامر النفسي بالمقيد مجال. ولكن الذي يسهل الخطب ظهور الخطابات الغيرية ولو بمادتها في دخل المتعلق بنحو الاطلاق في المقيد ، فلا يفي حينئذ سقوط الامر الغيري لاثبات الامر بالبقية بتوسيط خطابه ، كما لا يخفى.