والنسيان ، ومع عدم الاطلاق يرجع إلى الأصول العملية ، وهي تقتضي اختصاص الجزئية بحال القدرة والذكر ، لأن الشك في ثبوت الجزئية في حال العجز والنسيان يرجع إلى الشك في أن المكلف به في حق الناسي هل هو الطبيعة الواجدة للجزء المنسي؟ أو الطبيعة الخالية عنه؟ فيكون من صغريات الشك بين الأقل والأكثر ، وقد تقدم أن الأقوى : جريان البراءة من الخصوصية الزائدة المشكوكة ، وهي فيما نحن فيه جزئية المنسي في حال النسيان ، فالأصل يقتضي عدم جزئية المنسي ، ويلزمه أن يكون الجزء من الاجزاء الغير الركنية ، لاختصاص جزئيته بحال الذكر ، فلا يلزم من الاخلال به نسيانا بطلان العمل ، وذلك من خواص الجزء الغير الركني ، كما تقدم.
هذا ، ولكن لا يخفى عليك : أن أقصى ما تقتضيه أصالة البراءة عن الجزء المنسي هو رفع الجزئية في حال النسيان فقط (١) ولا تقتضي رفعها في تمام الوقت إلا مع استيعاب النسيان لتمام الوقت ، فلو تذكر المكلف في أثناء الوقت بمقدار يمكنه إيجاد الطبيعة بتمام مالها من الاجزاء ، فأصالة البراءة عن الجزء المنسي في حال النسيان لا تقتضي عدم وجوب الفرد التام في ظرف التذكر ، بل مقتضى إطلاق الأدلة وجوبه ، لان المأمور به هو صرف وجود الطبيعة التامة الاجزاء والشرائط في مجموع الوقت ، ويكفي في وجوب ذلك التمكن من إيجادها
__________________
١ ـ أقول : معنى رفع جزئية المشكوكة بعنوان المشكوكية بقاء رفعه ما دام مشكوكا ، فإذا شك في جزئية المنسي لفرض عدم إطلاق دليله ، فلازمه أنه مهما اتى المأمور به بدون هذا الجزء نسيانا يشك في جزئيته في حال النسيان ، فلا شبهة في أن هذا الشك باق حتى في حال الالتفات إليه ، فحديث رفع الجزء المشكوك لا قصور في جريانه بالنسبة إلى المأتي به الفاقد لها ، لبقاء الشك في جزئيته حتى في حال تذكره ، فكأن المقرر اشتبه عليه المقام بمسألة رفع جزئية المنسي بعنوان النسيان مع العلم بجزئيته واقعا ، فان في هذه الصورة كان لتخصيص حديث الرفع بحال النسيان وجه ، وأين هذا من مسألتنا؟ وليس هذا الذهول إلا من شدة الغرور ، فتدبر.