ومما ذكرنا يظهر الوجه في تقديم المرجح الجهتي على المرجح المضموني ، لتقدم رتبته عليه ، وإن كان يظهر من صحيح « القطب الراوندي » عن الصادق عليهالسلام تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على مخالفة العامة ، حيث قال عليهالسلام « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه ، وإن لم تجدوه في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه » (١) والعمل بهذا الصحيح مشكل ، إلا أن يقال : إن موافقة الكتاب تكون من المرجحات الصدورية ، فتأمل.
بقي التنبيه على أمور.
الترجيح بصفات الراوي وإن لم يصرح به في المقبولة لأنه لم يجعل صفات الراوي فيها من مرجحات الخبرين المتعارضين بل جعلت من مرجحات الحكمين المتعارضين ، إلا أنه يمكن أن يقال : إنه لما كان منشأ اختلاف الحكمين هو اختلاف الروايتين ، فيستفاد من ذلك أن المناط في ترجيح أحد الحكمين على الآخر بالصفات ، لكون مثل هذه الصفات مرجحة لمنشأ الحكم وهو الرواية (٢) ويؤيد ذلك أن الأصدقية إنما تناسب كونها مرجحة للرواية لا لنفس الحكم.
__________________
١ ـ الوسائل : الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
٢ ـ أقول : فيه نظر جدا ، كيف! والترجيح بالصفات المزبورة مضمون رواية « فرقد » في علاج تعارض الحكمين ، والأصحاب أيضا عملوا به مع عدم بنائهم على الرجوع إلى مدرك الحكم ، كما أشرنا. مع أن الترجيح بالأفقهية إنما يناسب الترجيح الحكم والفتوى ولا يناسب الرواية ، وما ذكر من التأييد في الأصدقية أيضا لا تأييد فيه ، إذ أصدقية الحاكم في حكمه بملاحظة طريقية حكمه ، فلا يخلو عن