عقيب قوله : « أكرم العلماء » « لا تكرم بعض العلماء » وتردد البعض بين جميع أفراد العلماء ، فإنه لا مانع من التعبد بصدور قوله : « لا تكرم بعض العلماء » وإن كان أثر التعبد بصدوره إجمال قوله : « أكرم العلماء » فان هذا المقدار من الأثر يكفي في التعبد ، ففرق بين التعبد بمجمل يوجب إجمال ظاهر وبين التعبد بظاهر يوجب إجماله ، فان التعبد بالصدور في الأول لا محذور فيه ، بخلاف التعبد به في الثاني ، إذ لا معنى للتعبد بصدور ظاهر تكون نتيجة التعبد به إجماله وعدم جواز الاخذ بظاهره.
فالانصاف : أنه لا مجال لتوهم شمول أدلة حجية الخبر الواحد للخبرين المتعارضين معا حتى يجب تأويلهما ، فالأصل في المتعارضين السقوط ، ولكن بالنسبة إلى خصوص المؤدى (١).
وأما بالنسبة إلى نفي الثالث : فلا وجه لسقوطهما ، فان المتعارضين يشتركان في نفي الثالث بالدلالة الالتزامية فيكونان معا حجة في عدم الثالث.
وتوهم : أن الدلالة الالتزامية فرع الدلالة المطابقية وبعد سقوط المتعارضين في المدلول المطابقي لا مجال لبقاء الدلالة الالتزامية لهما في نفي الثالث ، فاسد (٢)
__________________
١ ـ أقول : الأولى جرى كلامه هذا بخصوص صورة يعلم بعدم صدور مضمون أحدهما واقعا ، واما لو فرض العلم الاجمالي بكذب أحد الخبرين في صدور الكلام من الامام عليهالسلام مع احتمال مطابقة مضمونهما للواقع : ففي مثل هذه الصورة لا بأس بالأخذ بكليهما مع عدم اقتضاء كل منهما لنفي غيره ، كما هو الشأن في الأصلين المثبتين في طرفي العلم بمخالفة أحدهما للواقع. ولازم هذا القائل في الأصول التنزيلية بالتساقط إعمال التعارض والتساقط في مثله أيضا.
٢ ـ للمحقق الخراساني قدسسره كلام في حاشيته على الفرائد لا يخلو عن إشكال ، فإنه جعل نفي الثالث بأحدهما الغير المعين لا بهما معا ، ومنع عن حجية المتعارضين في الدلالة الالتزامية * بتقريب : ان الدلالة الالتزامية وإن لم تكن تتبع الدلالة المطابقية في الحجية بل إنما تتبعها في الوجود ، إلا ان دليل اعتبار السند إنما يعم الدلالة الالتزامية بتبع الدلالة المطابقية ، فان قوله « صدق العادل » انما يدل على نفي ما ينافي خبر العادل لأجل دلالته على وجوب تصديقه فيما أخبر به ، ولا يدل على تصديقه في نفي ما ينافي