الموافقة للطريق بلا استناد إليه إذا كان الجهل عن تقصير (١).
ويترتب على ما ذكرنا : أنه لو عمل الجاهل عملا ثم بنى على التقليد أو الاجتهاد ، فان وافق عمله رأي من يجب عليه تقليده فعلا أو وافق اجتهاده الفعلي كان عمله مجزيا وتبرء ذمته ولو خالف رأي من كان يجب عليه تقليده حال العمل ، وإن انعكس الفرض وكان عمله مخالفا لرأي من يجب تقليده فعلا وموافقا لرأي من كان يجب تقليده حال العمل لم يجز ولزمه الإعادة والقضاء ، لان اعتبار الظن الاجتهادي أو قول المقلد إنما هو لمحض الطريقية والكاشفية من دون أن يكون فيه شائبة السببية والموضوعية. ومن المعلوم : أن الطريق إنما هو يقتضي المعذورية إذا وقع العمل عن استناد واعتماد إليه ، ولا يكفي مجرد موافقة العمل للطريق وإن لم يكن عن استناد إليه. فلا عبرة بموافقة العمل الصادر حال الجهل لفتوى من كان يجب عليه تقليده في ذلك الحال بعد عدم وقوعه عن استناد واعتماد على ذلك ، وكما لا عبرة بموافقته لذلك لا عبرة بمخالفته أيضا ، بل العبرة بالموافقة والمخالفة إنما هو على الطريق الذي يستند إليه فعلا ، سواء في ذلك الظن الاجتهادي أو فتوى الغير ، فتأمل جيدا.
هذا حكم الجاهل العامل قبل التقليد والاجتهاد. وكذا الكلام في حكم المقلد أو المجتهد الذي تبدل تقليده أو اجتهاده إلى الخلاف ، فان القاعدة الأولية
__________________
١ ـ أقول : بل ومع الاستناد إليه قبل الفحص عن معارضاته وسائر جهاته تقصيرا. نعم : في مقام الاجزاء وعدم الإعادة يكفي موافقة عمله للطريق المعلوم حجيته في حقه حين العمل وإن لم يكن عن استناد إليه ، إذ يكفي في عدم الإعادة وصول الطريق إليه بعد عمله ، لمكان الامر بالمعاملة معه معاملة الواقع بلحاظ الأثر الفعلي من حيث الإعادة والقضاء ، كما أنه لو انكشف الخلاف ولو لقيام طريق أقوى عن الطريق السابق يجب إعادة ما عمل على طبق الطريق الفعلي وإن كان عمله السابق عن استناد على الطريق السابق حين عمله ، وحينئذ فقضية الاستناد بالطريق حين العمل في مقام الاجتزاء به وعدمه ملقى بالمرة.