النار والضرب بالسيف وبين الأسباب الشرعية كالغسل بالنسبة إلى الطهارة الخبثية والحدثية ـ على أحد الوجهين في ذلك ـ لوضوح أن الامر بالالقاء والضرب بالسيف والغسل بالماء إنما هو لأجل حصول الاحراق والقتل والطهارة ، فالمأمور به في الحقيقة إنما هو هذه العناوين ، فلابد من القطع بحصولها والخروج عن عهدتها ، ولا تجري البراءة في المحصلات والأسباب مع الشك في حصول المسببات وتولد العناوين منها (١) لوجوه :
الأول : عدم تعلق الجعل الشرعي بالأسباب والمحصلات.
الثاني : أنه ينتج عكس المقصود.
الثالث : أنه لا يثبت سببية الأقل ومحصليته إلا على القول بالأصل المثبت (٢) وقد تقدم تفصيل ذلك في الفصل الأول ، هذا كله في معنى العنوان.
وأما معنى « الغرض » المعطوف على العنوان في كلام الشيخ قدسسره فقد يتوهم : أنه عبارة عن المصالح والملاكات التي تبتني عليها الاحكام على ما ذهب إليه العدلية ، وربما يؤيد كون المراد من « الغرض » ذلك قوله : « إن قلت : إن الأوامر الشرعية كلها من هذا القبيل لابتنائها على مصالح في المأمور به ، الخ ».
ولكن التأمل في كلامه يعطي عدم إرادة ذلك منه ، فإنه لو كان المراد من « الغرض » ملاكات الاحكام فيلزم سد جريان البراءة في جميع موارد تردد
__________________
١ ـ أقول : قد تقدم هنا أيضا الكلام فيه بما لا مزيد عليه ، فراجع.
٢ ـ أقول : بناء على جعلية السبب لا قصور في جريان حديث الرفع بالنسبة إلى تعلق الجعل بالامر المشكوك ، وبه يثبت تعلق الجعل بالأقل ظاهرا بعين ما أفيد في رفع الامر المتعلق بالمشكوك في الأقل والأكثر وإثبات كون الأقل مأمورا به ، ولا نرى ما يرى بين المقامين من هذه الجهة وإن كان فيه ما فيه في كلا المقامين ، كما تقدم شرح ذلك مفصلا ، فتدبر وافهم.