والفاعلية بنفس المقدمة الاعدادية من الفعل الصادر عن الفاعل ، وإنما تكون الآثار من الدواعي لحركة عضلات الفاعل والعلل التشريعية لإرادة الآمر ، وسيأتي ( إن شاء الله تعالى ) أن الملاكات ومناطات الاحكام كلها تكون من الدواعي والعلل التشريعية ، ولا يصلح شيء منها لان يتعلق به إرادة الفاعل والآمر.
ثم إنه قد يكون المسبب التوليدي عنوانا ثانويا للسبب بحيث يكتسب السبب عنوان المسبب ويحمل عليه بالحمل الشايع الصناعي ، فيكون للسبب عنوانين : عنوان أولي وعنوان ثانوي ، كضرب اليتيم ، فإنه بعنوانه الأولي ضرب وبعنوانه الثاني تأديب.
بل قد يدعى (١) أن المسببات التوليدية كلها تكون من العناوين الثانوية لأسبابها ، كالالقاء في النار والضرب بالسيف وفري الأوداج بالسكين ، فان الاحراق والقتل والذبح تكون من العناوين الثانوية للالقاء والضرب والفري ، ويصح حمل كل منها على السبب المولد له.
وعلى كل حال : المراد من العنوان الواقع في كلام الشيخ قدسسره الذي ذهب إلى عدم جريان البراءة العقلية والشرعية فيه إنما هو السبب التوليدي الذي يكون الفعل الصادر عن الفاعل تمام العلة لتولده أو الجزء الأخير منها ، وحينئذ تصح دعوى عدم جريان البراءة العقلية والشرعية عند الشك في حصوله مطلقا ، سواء تعلق التكليف بالمسبب ابتداء أو تعلق بالسبب ، لان التكليف بالسبب إنما هو من حيث تولد المسبب منه وتعنونه بعنوانه ، لا بما هو هو ، من غير فرق بين الأسباب العادية والعقلية كالالقاء في
__________________
١ ـ اختلفت كلمات شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ في ذلك ، ففي مبحث البراءة جعل المسببات التوليدية على قسمين : منها ما تكون عنوانا ثانويا للسبب ، ومنها مالا تكون كذلك ، وفي هذا المقام جعل جميع المسببات التوليدية من العناوين الثانوية لأسبابها ، ولعل ما ذكره في البراءة أولى ، فتأمل جيدا ( منه )