الأئمة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ فلا تعم تعارض الأقوال في سلسلة طرق الروايات ، كما إذا تعارض أقوال أهل الرجال في التوثيق والتعديل. وكذا لا تعم تعارض أقوال أهل اللغة في مداليل ألفاظ الروايات ، وذلك واضح.
الثاني : الظاهر اختصاص أدلة التخيير بصورة تعارض الروايتين المرويتين عنهم عليهمالسلام ولا تعم صورة اختلاف النسخ ـ كما حكي وقوع ذلك كثيرا في كتاب التهذيب ـ فان التعارض إنما جاء من قبل الكتاب ، فلا يندرج في قوله : « يأتي عنكما الخبران المختلفان » بل الظاهر أن أدلة التخيير لا تعم تعارض قول تلميذي الكليني في النقل عنه ، وإن كان المحكي عن بعض الاعلام اندراج ذلك في أدلة التخيير ، بدعوى : أن تعارض النقل عن الكليني رحمهالله يرجع إلى تعارض الخبرين.
الثالث : لا يجوز الاخذ بأحد المتعارضين تخييرا إلا بعد الفحص عن المرجحات التي يأتي بيانها ، فإنه بناء على وجوب الترجيح يتعين الاخذ بالراجح ولا يكون المرجوح حجة شرعية ولا يجوز العمل به ، فالفحص عن المرجحات يرجع إلى الفحص عن الحجية ، كالفحص عما يعارض الأصول اللفظية والعملية ، ولا إشكال في وجوب الفحص عنه.
الرابع : الأقوى كون التخيير في المسألة الأصولية أي في أخذ أحدهما حجة محرزة وطريقا إلى الواقع ، لا في المسألة الفقهية أي التخيير في العمل بمؤدى أحد الخبرين نظير التخيير بين القصر والاتمام في المواطن الأربعة ، فان الظاهر من قوله عليهالسلام « بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك » (١) هو الاخذ بأحدهما ليكون حجية وطريقا مثبتا للواقع لا مجرد الاخذ في مقام العمل (٢)
__________________
١ ـ الوسائل : الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.
٢ ـ أقول : بل بعد فرض اقتضاء التعارض بين المدلول الالتزامي لكل واحد مع المطابقي للآخر في كثير من الموارد وانتهاء الامر إلى النقيضين لا معنى حينئذ للوجوب التخييري ، كالتخيير بين القصر